كان الساعي أو رب المال هكذا نص عليه الشافعي رضي الله عنه وقطع به الجمهور وذكر إمام الحرمين والسرخسي وغيرهما فيها إذا كان الدافع هو رب المال طريقين أصحهما هذا والثاني أن الخيرة للساعي والمذهب الأول لظاهر حديث أنس السابق في أول الباب قال أصحابنا فإن كان الدافع هو الساعي لزمه دفع ما دفعه أصلح للمساكين وإن كان رب المال استحب له دفع الأصلح للمساكين ويجوز له دفع الآخر أما الخيرة في الصعود والنزول إذا فقد السن الواجبة ووجد أعلى منها وأنزل ففيه وجهان مشهوران ذكرهما المصنف والأصحاب واختلفوا في أصحهما فأشار المصنف إلى أن الأصح أن الخيرة للمالك وهو الذي صححه إمام الحرمين والبغوي والمتولي والرافعي وجمهور الخراسانيين وقطع به الجرجاني من العراقيين في كتابه التحرير وصحح أكثر العراقيين أن الخيرة للساعي وهو المنصوص في الأم ثم إن الأصحاب أطلقوا الوجهين كما ذكرنا إلا صاحب الحاوي فقال أن طلب الساعي النزول والمالك الصعود فإن عدم الساعي الجبران فالخيرة له وإلا ففيه الوجهان قال أصحابنا فإن خيرنا الساعي لزمه اختيار الأصلح للمساكين قال إمام الحرمين وغيره الوجهان فيما إذا أراد المالك دفع غير الأنفع للمساكين فإن أراد دفع الأنفع لزم الساعي قبوله بلا خلاف لأنه مأمور بالمصلحة وهذا مصلحة قال الإمام وإن استوى ما يريده هذا وذاك في الغبطة فالأظهر إتباع المالك هذا كله إذا كانت الإبل سليمة فإن كانت معيبة أو مريضة فأراد أن يصعد إلى سن مريض ويأخذ معه الجبران لم يجز هكذا قطع به المصنف والأصحاب في طريقتي العراق وخراسان واتفقوا عليه ونقله إمام الحرمين عن الأصحاب مطلقا ثم قال والذي يتجه عندي أنا إن قلنا الخيرة للمالك في الصعود والنزول فالأمر على ما ذكره الأصحاب وإن قلنا الخيرة للساعي فرآه غبطة للمساكين فالوجه القطع بجوازه قال وهذا واضح وهو مراد الأصحاب قطعا وإن قلنا الخيرة للمساكين لم يجز لأنه إنما يستحث الجبران المسمى بدلا عما بين السنين السليمتين ومعلوم أن الذي بين المعيبين دون ذلك وهذه الصورة مستثناة من إطلاق الوجهين فيمن له الخيرة ولو أراد النزول وهي معيبة ويبذل الجبران قبل منه لأنه متبرع بزيادة هكذا ذكره المصنف والأصحاب واتفقوا عليه قال أصحابنا وإنما يجيء الصعود والنزول إذا عدم السن الواجبة أو وجدها وهي معيبة أو نفيسة فأما إن وجدها وهي سليمة معتدلة وأراد النزول أو الصعود مع جبران فليس له ذلك بلا خلاف ولا يجوز ذلك للساعي أيضا بلا خلاف فإن وجدها وهي معيبة فكالمعدومة