أما حكم المسألة فقال الشافعي والأصحاب رحمهم الله إذا التحم القتال ولم يتمكنوا من تركه بحال لقلتهم وكثرة العدو واشتد الخوف وإن لم يلتحم القتال فلم يأمنوا أن يركبوا أكتافهم لوولوا عنهم وانقسموا فرقتين وجب عليهم الصلاة بحسب الإمكان وليس لهم تأخيرها عن الوقت بلا خلاف ويصلون ركبانا ومشاة ولهم ترك استقبال القبلة إذا لم يقدروا عليه قال أصحابنا ويجوز اقتداء بعضهم ببعض مع الاختلاف في الجهة كالمصلين في الكعبة وحولها قال أصحابنا وصلاة الجماعة في هذا الحال أفضل من الانفراد كحالة الأمن لعموم الأحاديث في فضيلة الجماعة وممن صرح بتفضيل الجماعة على الانفراد هنا صاحب الشامل والمتولي وصاحب البيان وغيرهم قال الشيخ أبو حامد في التعليق فإن قيل إذا صلوا جماعة لا يمكنهم الاتقداء لعدم المشاهدة فالجواب أن المعتبر في الاقتداء العلم بصلاة الإمام لا المشاهدة كما لو صلى في آخر المسجد بصلاة الإمام ولا يراه لكن يعلم صلاته فإنه يصح بالإجماع وحكى القاضي أبو الطيب وابن الصباغ وغيرهما عن أبي حنيفة أنه قال لا تصح صلاتهم جماعة قال الشافعي والأصحاب وإذا لم يتمكنوا جماعة أو فرادى من إتمام الركوع والسجود أومأوا بهما وجعلوا السجود أخفض من الركوع ولا يلزم الماشي استقبال القبلة في الركوع والسجود ولا في الإحرام ولا وضع الجبهة على الأرض بلا خلاف بخلاف المتنفل في السفر والفرق شدة الحاجة والضرورة هنا ولا يجوز الصياح ولا غيره من الكلام بلا خلاف فإن صاح فبان معه حرفان بطلت صلاته بلا خلاف لأنه ليس محتاجا إليه بخلاف المشي وغيره ولا تضر الأفعال اليسيرة بلا خلاف لأنها لا تضر في غير الخوف ففيه أولى وأما الأفعال الكثيرة فإن لم تتعلق بالقتال بطلت الصلاة بلا خلاف وإن تعلقت به كالطعنات والضربات المتوالية فإن لم يحتج إليها أبطلت بلا خلاف أيضا لأنها عبث وإن احتاج إليها ففيه ثلاثة أوجه أصحهما عند الأكثرين لا يبطل وبه قال ابن سريج وأبو إسحاق والقفال وممن صححه صاحب الشامل والمستظهري والرافعي وغيرهم قياسا على المشي ولأن مدار القتال على الضرب ولا يحصل المقصود غالبا وضربتين ولا يمكن التفريق بين الضربات والوجه الثاني يبطل ورجحه المصنف والبندنيجي وكثيرون من العراقيين وحكاه المصنف والبندنيجي عن النص وحكاه غيره عن ظاهر النص وادعى المحتجون له أن الحاجة إلى تتابع الضربات نادر فلم تسقط الإعادة كصلاة من لم يجد ماء ولا ترابا وهذا استدلال ضعيف أو باطل فإنه انكار للحس والمشاهدة والثالث تبطل إن كرر في شخص ولا تبطل إن كرر في أشخاص حكاه الخراسانيون وبعضهم عبر عن الأوجه بأقوال وممن سماها أقوالا الغزالي في البسيط