ولكن يستحب الجماعة في المقضية التي يتفق الإمام والمأموم فيها بأن يفوتهما ظهر أو عصر ودليله الأحاديث الصحيحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فاتته هو وأصحابه صلاة الصبح صلاها بهم جماعة قال القاضي عياض في شرح صحيح مسلم لا خلاف بين العلماء في جواز الجماعة في القضاء إلا ما حكي عن الليث بن سعد من منع ذلك وهذا المنقول عن الليث إن صح عنه مردود بالأحاديث الصحيحة وإجماع من قبله وأما القضاء خلف الأداء والأداء خلف القضاء وقضاء صلاة خلف من يقضي غيرها فكله جائز عندنا إلا أن الانفراد بها أفضل للخروج من خلاف العلماء فإن في كل ذلك خلافا للسلف سنذكره في بابه إن شاء الله تعالى فرع في مذاهب العلماء في حكم الجماعة في الصلوات الخمس قد ذكرنا أن مذهبنا الصحيح إنها افرض كفاية وبه قال طائفة من العلماء وقال عطاء والأوزاعي وأحمد وأبو ثور وابن المنذر هي فرض على الأعيان ليست بشرط للصحة وقال داود هي فرض على الأعيان وشرط في الصحة وبه قال بعض أصحاب أحمد وجمهور العلماء على أنها ليست بفرض عين واختلفوا هل هي فرض كفاية أم سنة وقال القاضي عياض ذهب أكثر العلماء إلى أنها سنة مؤكدة لا فرض كفاية واحتج لمن قال فرض عين بحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار رواه البخاري ومسلم وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن فإن الله تعالى شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى وأنهن من سنن الهدى ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف رواه مسلم وعن أبي هريرة قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له فلما ولى دعاه فقال له هل تسمع النداء بالصلاة قال