صبي وصبية ما لم يتيقن نجاسة يده فإن يده محمولة على الطهارة حتى يتحقق نجاستها وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل مع الصبي طبيخا ولم تزل الصحابة والتابعون ومن بعدهم على ذلك من غير إنكار وكذا ريق الصبي وإن كان يكثر منه وضع النجاسة في فمه فهو محمول على الطهارة حتى تتيقن نجاسته فرع هذا الذي ذكرناه كله فيما علم أن أصله الطهارة وشك في عروض نجاسته أما ما جهل أصله فقد ذكر المتولي فيه مسائل يقبل منه بعضها وينكر بعض فقال لو كان معه إناء لبن ولم يدر أنه لبن حيوان مأكول أو غيره أو رأى حيوانا مذبوحا ولم يدر أذبحه مسلم أم مجوسي أو رأى قطعة لحم وشك هل هي من مأكول أو غيره أو وجد نباتا ولم يدر هل هو سم قاتل أم لا فلا يباح له التناول في كل هذه الصور لأنه يشك في الإباحة والأصل عدمها هذا كلام المتولي فأما مسألة المذكاة وقطعة اللحم فعلى ما ذكر لأنها إنما تباح بذكاة أهل الذكاة وشككنا في ذلك والأصل عدمه وأما مسألة النبات واللبن وشبههما فيتعين إجراؤها على الخلاف المشهور لأصحابنا في أصول الفقه وكتب المذهب أن أصل الأشياء قبل ورود الشرع على الإباحة أم التحريم أم لا حكم قبل ورود الشرع وفيه ثلاثة أوجه مشهورة الصحيح منها عند المحققين لا حكم قبل ورود الشرع ولا يحكم على الإنسان في شيء يفعله بتحريم ولا حرج ولا نسميه مباحا لأن الحكم بالتحريم والإباحة من أحكام الشرع فكيف يدعي ذلك قبل الشرع ومذهبنا ومذهب سائر أهل السنة أن الأحكام لا تثبت إلا بالشرع وأن العقل لا يثبت شيئا فإن قلنا بالتحريم فهو كما قال المتولي لأن الأصل التحريم وإن قلنا بالصحيح فهو حلال حتى يتحقق سبب التحريم ويشبه هذا ما ذكره المصنف وأصحابنا في باب الأطعمة فيما إذا وجدنا حيوانا لا يعرف أهو مأمول أم لا ولا تستطيبه العرب ولا تستخبثه ولا نظير له في المستطاب والمستخبث فهل يحل أكله فيه وجهان مشهوران لأصحابنا بناهما الأصحاب على هذه القاعدة التي ذكرناها وأما مسألة قطعة اللحم فقد أطلق المتولي الحكم بتحريمها وقال شيخه القاضي حسين في تعليقه فيها تفصيلا حسنا فقال لو وجد قطعة لحم ملقاة وجعل حالها فإن كانت ملقاة على الأرض غير ملفوفة بخرقة ونحوها فالظاهر أنها ميتة وقعت من طائر ونحوه فتكون حراما وإن كانت في مكتل أو خرقة ونحوهما فالظاهر أنها مذكاة فتكون حلالا إلا إذا كان في البلد مجوس واختلطوا بالمسلمين فلا تباح والله أعلم