آخر وصلى بهم الظهر وتقدم آخر وصلى بهم العصر فكل من صلى خلف إمام يجوز أن يكون طاهرا فصلاته خلفه صحيحة وكل من صلى خلف إمام يعتقد أنه نجس فصلاته خلفه باطلة الشرح هذه المسألة كثيرة في الفروع مختلف في أصلها وقد ذكرها المصنف مختصرة جدا فنذكر صورة الكتاب مع التنبيه على قاعدة المذهب ثم فروعها إن شاء الله تعالى فصورة الكتاب أن يكون هناك ثلاثة من الأواني طاهران ونجس واشتبهت فاجتهد فيها ثلاثة رجال فأدى اجتهاد كل واحد إلى طهارة إناء فاستعمله ثم صلى أحدهم بصاحبيه الصبح ثم آخر بصاحبيه الظهر ثم الآخر بصاحبيه العصر وكلهم صلوا الصلوات بتلك الطهارة ففي المسألة ثلاثة أوجه حكاها أصحابنا الخراسانيون أصحها وهو قول ابن الحداد وبه قطع المصنف وسائر العراقيين والمتولي من الخراسانيين أنه يصح لكل واحد الصلاة التي أم فيها والاقتداء الأول ويبطل الاقتداء الثاني والوجه الثاني يصح لكل واحد التي أم فيها فقط ولا يصح له اقتداء أصلا وهذا قول أبي العباس بن القاص صاحب التلخيص لأن المقتدي يعتقد أن أحد إماميه محدث فهو شاك في أهلية كل واحد منهما للإمامة فأشبه الخنثى وهذا القياس على الخنثى ضعيف والفرق أن صاحب الإناء الذي هو الإمام يظن أهليته للإمامة باجتهاده بخلاف الخنثى فإنه لا يظن أهلية نفسه لإمامة الرجال فنظير صاحب الإناء أن يكون الخنثى قد ظن كونه رجلا بعلامة كالبول وغيره أو بميله إلى النساء وحينئذ يصح اقتداء الرجل به قطعا والوجه الثالث وهو قول أبي إسحاق المروزي تصح لكل واحد التي أم فيها ويصح الاقتداء الأول إن اقتصر عليه فلو اقتدى بعد ذلك بالآخر بطلت إحدى صلاتيه خلفهما لا بعينها فيلزمه إعادتهما كمن نسي صلاة من صلاتين فاتفق ابن القاص والمروزي على وجوب إعادة الصلاتين إذا اقتدى اقتداءين واختلفا إذا اقتصر على الاقتداء فأوجب الإعادة ابن القاص لا المروزي واتفق ابن الحداد والمروزي على صحة الاقتداء الأول إذا اقتصر عليه واختلفا إذا اقتدى ثانيا فقال ابن الحداد يتعين الثاني للبطلان وقال المروزي يجب إعادتهما جميعا وعلى الأوجه كلها يصح لكل واحد الصلاة التي أم فيها بلا خلاف وشذ صاحب البيان فحكى وجها إن صلاة إمام العصر في المثال المذكور باطلة في حقه لأنه لما صلى خلف إمامي الصبح والظهر وصار كأنه اعترف بأنهما الطاهران فيعين هو للنجاسة وهذا خيال عجيب وعجب ممن قال هذا وكيف يقال هذا فإنه لو اعتقد نفسه نجسا كانت صلاته كلها سواء وهذا الوجه خطأ صريح وإنما أذكر مثله للتنبيه على بطلانه لئلا يغتر به ثم لا تفريع عليه وما أذكره بعد هذا تفريع على المذهب