الشرح هذه المسألة لها مقدمة لم يذكرها المصنف وقد ذكرها أصحابنا فقالوا إذا غلب على ظنه طهارة أحدهما فقد سبق أنه يستحب إراقة الآخر فلو خالف فلم يرقه حتى دخل وقت الصلاة الثانية فهل يلزمه إعادة الاجتهاد للصلاة الثانية ينظر فإن كان على الطهارة الأولى لم يلزمه بلا خلاف بل يصلي بها وإن كان قد أحدث نظر إن بقي من الذي ظن طهارته شيء لزمه إعادة الاجتهاد صرح به القاضي أبو الطيب في تعليقه والمحاملي في كتابيه وصاحب الشامل وغيرهم من العراقيين والقاضي حسين وصاحباه صاحبا التتمة والتهذيب وغيرهم من الخراسانيين وقاسوه على إعادة الاجتهاد في القبلة للصلاة وعلى القاضي والمفتي إذا اجتهد في قضية وحكم بشيء ثم حضرت مرة أخرى يلزمه أن يعيد الاجتهاد وفي هذه المسائل المقيس عليها وجه مشهور أنه لا يجب إعادة الاجتهاد بل له أن يصلي بمقتضى الاجتهاد الأول ما لم يتغير اجتهاده وينبغي أن يجيء ذاك الوجه هنا وهو أولى وإن لم يبق من الذي ظن طهارته شيء ففي وجوب إعادة الاجتهاد في الآخر طريقان أحدهما أنه على الوجهين فيما إذا انقلب أحد الإناءين قبل الاجتهاد هل يجتهد في الباقي وقد سبق وبهذا الطريق قطع المتولي والثاني وهو المذهب لا يعيد الاجتهاد وجها واحدا وبهذا قطع الماوردي والبغوي والرافعي وغيرهم وإذا عرفت هذه المقدمة فدخل وقت صلاة أخرى فأعاد الاجتهاد فإن ظن طهارة الأول فلا إشكال فيتوضأ ببقيته إن كان منه بقية ويصلي وإن ظن طهارة الثاني فقد نقل المزني عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال لا يتوضأ بالثاني ولكن يصلي بالتيمم ويعيد كل صلاة صلاها بالتيمم وكذا نقل حرملة عن الشافعي أنه لا يتوضأ بالثاني فقال جمهور الأصحاب الذي نقله المزني وحرملة هو المذهب وقال أبو العباس بن سريج هذا الذي نقله المزني لا يعرف للشافعي وقد غلط المزني على الشافعي والذي يجيء على قياس الشافعي أنه يتوضأ بالثاني كالقبلة واتفق جمهور أصحابنا المصنفين في الطريقتين على أن الصواب والمذهب ما نقله المزني وحرملة وأن ما قاله أبو العباس ضعيف وضعفوه بما ضعفه به المصنف وهو ظاهر قال الشيخ أبو حامد في تعليقه أبى أصحابنا أجمعون ما قال أبو العباس قال وقالوا هذا من زلات أبي العباس قال قال أبو الطيب بن سلمة ما غلط المزني لأن الشافعي نص على هذا في حرملة قال أبو حامد لا يحتاج إلى حرملة فإن الشافعي نص عليها في الأم في باب