إضاعة المال والدلالة من الحديث الثاني ظاهرة أيضا فإن الطهارة تكون من حدث أو نجس وقد تعذر الحمل هنا على طهارة الحدث فتعينت طهارة النجس وأجاب أصحابنا عن احتجاجهم بالآية بأن لنا خلافا معروفا في أنه يجب غسل ما أصابه الكلب أم لا فإن لم نوجبه فهو معفو للحاجة والمشقة في غسله بخلاف الإناء وأما الجواب عن حديث ابن عمر فقال البيهقي مجيبا عنه أجمع المسلمون على نجاسة بول الكلب ووجوب الرش على بول الصبي فالكلب أولى قال فكان حديث ابن عمر قبل الأمر بالغسل من ولوغ الكلب أو أن بولها خفي مكانه فمن تيقنه لزمه غسله والله أعلم قال المصنف رحمه الله تعالى وأما الخنزير فنجس لأنه أسوأ حالا من الكلب لأنه مندوب إلى قتله من غير ضرر فيه ومنصوص على تحريمه فإذا كان الكلب نجسا فالخنزير أولى وأما ما تولد منهما أو من أحدهما فنجس لأنه مخلوق من نجس فكان مثله الشرح نقل ابن المنذر في كتاب الإجماع إجماع العلماء على نجاسة الخنزير وهو أولى ما يحتج به لو ثبت الإجماع ولكن مذهب مالك طهارة الخنزير ما دام حيا وأما ما احتج به المصنف فكذا احتج به غيره ولا دلالة فيه وليس لنا دليل واضح على نجاسة الخنزير في حياته وقوله مندوب إلى قتله من غير ضرر فيه احتراز من الحية والعقرب والحدأة وسائر الفواسق الخمس وما في معناها فإنها طاهرة وإن كان مندوبا إلى قتلها لكن لضررها وأما قوله إن المتولد منهما أو من أحدهما حيوان طاهر من نجس فهو متفق عليه عندنا ولو ارتضع جدي من كلبة ونبت لحمه على لبنها ففي نجاسته وجهان أصحهما ليس بنجس وقد سبقا في أول الباب وقوله لأنه مخلوق من نجس فكان مثله ينقض بالدود المتولد من الميتة ومن السرجين فإنه طاهر على المذهب وبه قطع الجمهور كما سنوضحه قريبا إن شاء الله تعالى وكان ينبغي أن يقول لأنه مخلوق من حيوان نجس ليحترز عما ذكرناه فإن الميتة لا تسمى حيوانا وقد يمنع هذا الإعتراض ويقال الدود لا يخلق من نفس الميتة ونفس السرجين وإنما يتولد فيها كدود الخل لا يخلق من نفس الخل بل يتولد فيه وقد أجاب القاضي أبو الطيب بهذا الجواب عن نحو هذا الاعتراض في مسألة طهارة