يا قاتل المسلم بالكافر جرت وما العادل كالجائر يا من ببغداد وأطرافها من فقهاء الناس أو شاعر جار على الدين أبو يوسف بقتله المسلم بالكافر فاسترجعوا وابكوا على دينكم واصطبروا فالأجر للصابر فأخذ أبو يوسف الرقعة ودخل بها إلى هارون الرشيد فأخبره بالحال وقرأ عليه الرقعة فقال له الرشيد تدارك هذا الأمر بحيلة لئلا يكون منه فتنة فخرج أبو يوسف وطالب أولياء المقتول بالبينة على صحة الذمة وأداء الجزية فلم يأتوا بها فأسقط القود وحكم بالدية وهذا إذا كان مفضيا إلى استنكار النفوس وانتشار الفتن كان العدول عنه أحق وأصوب .
واعلم أنه يقتل الذمي أو المعاهد أو المرتد بمثله ولو أسلم القاتل بعد للمكافأة حال الجناية ويقتل من ذكر بالمسلم أيضا لأنه إذا قتل بمثله فيمن فوقه أولى ( قوله ولا حر بمن فيه رق ) هذا مفهوم قول أو حرية أي ولا يقتل حر بمن فيه رق لقوله تعالى ! < الحر بالحر والعبد بالعبد > ! ولخبر لا يقتل حر بعبد رواه الدارقطني .
وحكى الروياني أن بعض فقهاء خراسان سئل في مجلس أميرها عن قتل الحر بالعبد فقال أقدم حكاية قبل ذلك كنت في أيام فقهي ببغداد قائما ذات ليلة على شاطىء نهر الدجلة إذ سمعت غلاما يترنم ويقول خذوا بدمي هذا الغزال فإنه رماني بسهمي مقلتيه على عمد ولا تقتلوه إنني أنا عبده ولم أر حرا قط يقتل بالعبد فقال له الأمير حسبك فقد أغنيت عن الدليل وقوله خذوا بدمي أي بدله وهو الدية لئلا ينافي قوله بعد ولا تقتلوه .
واعلم أنه يقتل بالرقيق مطلقا سواء استويا كقنين ومكاتبين أم لا كأن كان أحدهما قنا والآخر مدبرا أم مكاتبا أم أم ولد .
نعم لا يقتل مكاتب بقنه وإن ساواه رقا أو كان أصله على المعتمد لتمييزه عليه بسيادته والفضائل لا يقابل بعضها ببعض ( قوله ولا أصل بفرعه ) هذا مفهوم قوله أو أصالة أي ولا يقتل أصل بقتل فرعه وإن نزل لخبر لا يقاد للابن من أبيه رواه الحاكم وصححه .
وبقية الأصول كالأب وبقية الفروع كالإبن والمعنى فيه أن الأصل كان سببا في وجود الفرع فلا يكون الفرع سببا في عدمه وكما لا يقتل الأصل إذا قتل فرعه كذلك لا يقتل إذا قتل عتيق الفرع أو أمه أو زوجته ونحوهم من كل ما للفرع فيه حق لأنه إذا لم يقتل بجنايته على الفرع نفسه فلأن لا يقتل بجنايته على من له في قتله حق أولى .
واعلم أنه أسقط مفهوم قوله أو سيادة فكان عليه أن يزيده بأن يقول ولا سيد برقيقه ( قوله ويقتل الفرع بأصله ) أي بشرط المكافأة في الإسلام والحرية ويستثنى المكاتب إذا قتل أباه وهو يملكه بأن اشتراه أسيرا فإنه لا يعتق عليه فلا يقتل به كما مر ويقتل المحارم بعضهم ببعض إذ لا تميز ( قوله ويقتل جمع بواحد ) أي بقتلهم واحدا لكن بشرط وجود المكافأة ويجب على كل واحد كفارة ( قوله كأن جرحوه جراحات ) أي كأن جرح الجمع واحدا جراحات بمحدد أو بمثقل .
وقوله لها أي للجراحات وقوله دخل في الزهوق أي خروج الروح وأفاد بهذا أنه لا يشترط أن تكون كل واحدة من الجراحات تقتل غالبا لو انفردت بل الشرط أن يكون لها دخل في الزهوق .
وخرج به ما لو لم يكن لها دخل في الزهوق بأن كانت خفيفة بحيث لا تؤثر في القتل فلا اعتبار بها ولا شيء على صاحبها ( قوله وإن فحش بعضها ) أي الجراحات وهو غاية في الجراحات التي توجب القتل للجمع وقوله أو تفاوتوا في عددها أي كأن صدر من واحد جراحة واحدة ومن آخر أكثر وهكذا وهو غاية أيضا فيما ذكر ( قوله وإن لم يتواطأوا ) أي يتوافقوا على قتله بأن جرح كل واحد منهم اتفاقا ( قوله وكأن ألقوه ) معطوف على قوله كأن جرحوه .
قال في التحفة وكأن ضربوه ضربات وكل قاتلة لو انفردت أو غير قاتلة وتواطأوا اه .
وقوله وتوطأوا راجع لغير القاتلة وإنما لم يعتبروا التواطؤ في الجراحات مطلقا لأنها لا يقصد بها الهلاك غالبا ( قوله لما روى الشافعي الخ ) علة لكون الجمع يقتلون بواحد أي ولأنه لو لم يجب عليه الاشتراك لكان كل