@ 368 @ وفي البحر ويقيمه القاضي بعلمه في أيام قضائه وكذا لو قذفه بحضرته ولو قال زنأت في الجبل وعنى الصعود أي حال كونه قائلا أردت به الصعود حد عند الشيخين وفيه إشارة إلى أنه لو لم يعن الصعود يحد اتفاقا خلافا لمحمد فإنه يقول لا يحد وهو قول الشافعي لأنه نوى حقيقة لفظه لأن زنأ بالهمزة يجيء بمعنى صعد وذكر الجبل يقرر مراده وفي مستعمل بمعنى على ولهما إن ظاهر اللفظ دال على الفاحشة وهمزته يجوز أن تكون مقلوبة من الحرف اللين كما يلين المهموز ودلالة الحال داعية إلى إرادة القذف وذكر الجبل إنما يتعين الصعود مرادا إذا كان مقرونا بكلمة على إذ هو مستعمل فيه فلذا لو قال زنأت على الجبل قيل لا يحد وقيل يحد .
وفي الغاية والمذهب عندي إذا كان هذا الكلام خرج على وجه الغضب والسباب يجب الحد وإلا فلا وقيد بالهمزة إذ لو كان بالياء وجب الحد اتفاقا وكذا لو اقتصر على قوله زنأت يحد اتفاقا كما في البحر .
وإن قال رجل لآخر يا زان وعكس عليه الآخر بأن قال لا بل أنت زان حدا أي القائلان به لأن كلا منهما قذف صاحبه بخلاف ما لو قال له مثلا يا خبيث فقال بل أنت تكافآ ولا يعزر كل منهما للآخر ولو قال له لامرأته وعكست حدت المرأة فقط ولا لعان على الزوج لأنهما قاذفان وقذفه يوجب اللعان وقذفها يوجب الحد .
وفي البداية بالحد إبطال اللعان لأن المحدود في القذف ليس بأهل له ولا إبطال في عكسه أصلا فيحتال للدرء إذ اللعان في معنى الحد وفيه إشارة إلى أنه لو قال يا زانية بنت زانية فخاصمت الأم أولا فحد الرجل سقط اللعان ولو خاصمت المرأة أولا فلاعن القاضي بينهما ثم خاصمت الأم يحد الرجل .
ولو قالت في جواب قوله لها يا زانية زنيت بك أو معك بطل الحد أيضا أي كما بطل اللعان لوقوع الشك في كل منهما لاحتمال أنها أرادت الزنى قبل النكاح فيجب الحد لا اللعان واحتمال أنها أرادت زناي هو الذي كان معك بعد النكاح لأني ما مكنت أحدا غيرك وهو المراد في مثل هذه الحالة وعلى هذا