@ 383 @ تعالى ولله على الناس حج البيت الآية .
وفي هذه الآية الشريفة أنواع من التأكيد منها قوله تعالى ولله على الناس يعني أنه حق واجب لله في رقاب الناس لأن على للإلزام ومنها أنه ذكر الناس ثم أبدل منه من استطاع وفيه ضربان من التأكيد أحدهما أن الإبدال تنبيه للمراد وتكرير له والثاني أن الإيضاح بعد الإبهام والتفصيل بعد الإجمال إيراد له في صورتين مختلفتين ومنها قوله تعالى ومن كفر مكان ومن لم يحج تغليظا على تارك الحج ولذا قال عليه الصلاة والسلام من مات ولم يحج فليمت إن شاء يهوديا أو نصرانيا ومنها ذكر الاستغناء وذا دليل السخط على التارك والخذلان ومنها قوله تعالى عن العالمين ولم يقل عنه لأنه إذا استغنى عن العالمين تناوله الاستغناء عنه لا محالة ولأنه يدل على الاستغناء الكامل فكان أدل على عظم السخط كما في الكشاف ولقوله عليه الصلاة والسلام بني الإسلام على خمس ومن جملتها الحج وعلى فرضيته انعقد الإجماع في العمر مرة لأن النبي عليه الصلاة والسلام قيل له أيحج في كل عام أم مرة واحدة فقال لا .
بل مرة فما زاد فهو تطوع ولأن سببه البيت وأنه لا يتعدد فلا يتكرر الوجوب كما في الهداية وغيرها لكن في تمام هذا التعليل كلام لأن الوجوب قد يتكرر مع عدم التعدد في السبب كما في وجوب الفطرة فإنه يتكرر بتكرر وقته مع اتحاد السبب وهو الرأس .
تأمل على الفور أي على أن فعله فرض على الفور والمراد من الفور أن يتعين أشهر الحج من العام الأول للأداء عند أبي يوسف وهو ما ذكره ابن شجاع عن الإمام أنه سئل عمن له مال أيحج به أم يتزوج فقال بل يحج به فذلك دليل على أن الوجوب عنده على الفور ووجه دلالته على ذلك أن في التزويج تحصين النفس الواجب على كل حال والاشتغال بالحج يفوته ولو لم يكن وجوبه على الفور لما أمر بما يفوت الواجب مع إمكان حصوله في وقت آخر لما أن المال غاد ورائح كما في العناية وغيرها لكن إن أريد النكاح مطلقا فهو ليس بواجب فلا يتم الدليل وإن أريد النكاح حال التوقان فهو مقدم على الحج اتفاقا لأن في تركه