@ 308 @ كتاب الجنايات أورد الجنايات عقيب الرهن لأن الرهن لصيانة المال وحكم الجناية لصيانة الأنفس ولما كان المال وسيلة لبقاء النفس قدم الرهن على الجنايات لأن الوسائل تقدم على المقاصد كما في أكثر الشروح .
وقال في غاية البيان ولكن قدم الرهن لأنه مشروع بالكتاب والسنة بخلاف الجناية فإنها محظورة عما ليس للإنسان فعله انتهى وأورد عليه أن هذا التعليل ليس بشيء لأن المقصود بالبيان في كتاب الجنايات إنما هو أحكام الجنايات دون أنفسها ولا شك أن أحكامها مشروعة ثابتة بالكتاب والسنة فلا وجه لتأخيرها من هذه الحيثية ويمكن الجواب عنه بأن كلا من الرهن والجناية من أفعال المكلفين ويبحث في كل منهما عما يتعلق بفعل المكلف من الأحكام الخمسة ولا شك في جواز الرهن وحظر الجناية ويكفي هنا هذا القدر في تقديمه عليها كما لا يخفى والجناية في اللغة اسم لما يجنيه أي يكسبه المرء من شر تسمية للمفعول بالمصدر من جنى عليه جناية ثم خص في العرف بما يحرم من الفعل سواء كان في نفس أو مال وفي عرف الفقهاء بما حرم فعله في نفس أو طرف الأول يسمى قتلا وأنواعه خمسة عمد وشبه عمد وخطأ وجار مجرى الخطأ والقتل بسبب كما سيأتي تفصيله والثاني يسمى جناية فيما دون النفس وشرع القصاص لما فيه من معنى الحياة شرعا كما قال تعالى ولكم في القصاص حياة والفرق بين هذه الآية وبين قول العرب القتل أنفى للقتل بلاغة وفصاحة مبين في كتب البيان بما لا مزيد عليه ثم شرع في بيان أحكام القتل فقال القتل