@ 444 @ للحاجة إليها فإن الناس بين غني بالمال غبي عن التصرف فيه وبين مهتد في التصرف صفر اليد عن المال فمست الحاجة إلى شرع هذا النوع من التصرف لتنتظم مصلحة الغبي والذكي والفقير والغني وبعث النبي صلى الله تعالى عليه وسلم والناس يباشرونه فقررهم عليه وتعاملت به الصحابة رضي الله تعالى عنهم والمضارب أمين ابتداء لأنه قبض المال بإذن مالكه لا على وجه المبادلة والوثيقة .
والحيلة في أن يصير المال مضمونا على المضارب أن يقرضه من المضارب ويشهد عليه ويسلمه إليه ثم يأخذه منه مضاربة ثم يدفعه إلى المستقرض يستعين به في العمل بجزء شائع من الربح فإذا عمل وربح كان الربح بينهما على الشرط وأخذ رأس المال على أنه بدل القرض وإن لم يربح أخذ رأس المال بالقرض وإن هلك المال هلك على المستقرض وهو العامل وذكر الزيلعي حيلة أخرى فليطالع .
فإذا تصرف المضارب في المال فوكيل لأنه متصرف في ملكه بأمره ولهذا يرجع بما لحقه من العهدة على رب المال كالوكيل فإن ربح منه فشريك لرب المال لأنه هو المقصود من عقد المضاربة .
وإن خالف المضارب شرط رب المال فغاصب ولو أجاز بعده لوجود التعدي منه على مال غيره فصار غاصبا فيضمن وبه قالت الأئمة الثلاثة وأكثر أهل العلم .
وعن علي كرم الله تعالى وجهه والحسن والزهري أنه لا ضمان كما في الشمني .
وإن شرط كل الربح له أي للمضارب فمستقرض فإن استحقاق كل الربح لا يكون إلا بعد أن يصير رأس المال ملكا له لأن الربح فرع المال واشتراطه له يوجب تمليكه رأس المال اقتضاء .
وإن شرط كل الربح لرب المال فمستبضع حيث يكون عاملا لرب المال بلا بدل وعمله لا يتقوم إلا بالتسمية فكأنه كان وكيلا متبرعا .
وإن فسدت المضاربة بشيء فأجير لأن المضارب عامل لرب المال وما شرطه له كالأجرة على عمله ومتى فسدت ظهر معنى الإجارة فلا ربح حينئذ لأنه يكون في المضاربة الصحيحة ولما فسدت صارت إجارة فله أي للمضارب أجر مثله أي أجر مثل عمله كما هو حكم الإجارة الفاسدة ربح أو لم يربح وبه قال الشافعي لأنه لا يستحق المسمى لعدم الصحة ولم يرض