قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم يعني من الابتغاء بالمال والدليل عليه أنه قابل الموهوبة نفسها بالمؤتى مهرها بقوله انا أحللنا لك أزواجك الآية وكذلك قال في اخر الآية لكي لا يكون عليك حرج وهو نص على أن الخصوصية لدفع الحرج عنه وذلك ليس في اللفظ اذ لا حرج عليه في ذكر لفظ النكاح إنما الحرج في ابقاء المهر مع ان المذكور لفظة الهبة في جانب المرأة لا في جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفنا ان المراد الخصوصية بجوار نكاحه بغير مهر وإمامنا في المسألة علي رضوان الله عليه فإن رجلا وهب ابنته لعبيد الله بن الحر بشهادة شاهدين فأجاز ذلك علي رضي الله تعالى عنه والمعنى فيه ان هذا ملك يستباح به الوطء فينعقد بلفظ الهبة والتمليك كملك اليمين وهذا كلام على سبيل الاستدلال لا على سبيل المقايسة لان صلاحية اللفظ كناية عن غيره وليس بحكم شرعي ليعرف بالقياس بل طريق معرفة ذلك النظر في كلام أهل اللغة وهذه اشارة إلى مذهبهم في الاستعارة لانهم يستعيرون اللفظ لغيره لاتصال بينهما من حيث السببية كما قال الله تعالى أني أراني أعصر خمرا أي عنبا بالعصر يصير خمرا ويسمى المطر سماء لأنه ينزل من السماء وما يكون من علو فالعرب تسميه سماء وكذلك النبات يسمى سماء لأنه ينبت بسبب المطر فإنهم يقولون ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم وإذا ثبت هذا فنقول هذه الالفاظ سبب لملك الرقبة وملك الرقبة في محل ملك المتعة موجب لملك المتعة فللاتصال بينهما سببا يصلح هذا اللفظ كناية عن ملك المتعة والمقصود من النكاح ملك المتعة دون ما سواه من المقاصد ألا ترى أنه يختص به الزوج حتى يجب البدل عليه وسائر المقاصد يحصل لهما وان ملك الطلاق الرافع لهذا الملك يختص به الزوج فعرفنا أن المقصود هو الملك دون ما توهمه الخصم وإنما انعقد بلفظ النكاح والتزويج لأنهما لفظان جعلا علما لهذا العقد بالنص واعتبار المعنى في غير المنصوص عليه فأما في المنصوص لا يعتبر المعنى مع أنهما لفظان لا يجاب ملك ما ليس بمال فلهذا لا تأثير لهما في اثبات ملك المال ومتى صار اللفظ كناية عن غيره سقط اعتبار حقيقته وقام مقام اللفظ الذي جعل كناية عنه والشرط سماع الشاهدين اللفظ الذي ينعقد به النكاح فأما وقوفهما على مقصود المتعاقدين ليس بشرط مع أنه اذا قال وهبت ابنتي منك بصداق كذا فالشهود يعلمون أنه أراد النكاح وكما أن الفرقة تحصل بلفظ الهبة تحصل بلفظ الزوجية اذا قال لامرأته تزوجي ونوى به الطلاق يقع ولم يدل ذلك على أنه لا ينعقد به