$ باب الهبة في النكاح $ ( قال ) رضي الله عنه النكاح بلفظة الهبة والصدقة والتمليك صحح في قول علمائنا وعلى قول الشافعي رحمه الله تعالى لا يصح إلا بلفظة النكاح والتزويج واستدل بقوله تعالى وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي الآية فقد جعل النكاح بلفظة الهبة خالصا للرسول صلوات الله عليه دون غيره من المؤمنين وقال صلى الله عليه وسلم أوصيكم بالنساء خيرا فإنهن عندكم عوان اتخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله وكلمة الله التي أمرنا بالاستحلال بها إلا نكاح والتزويج وفي قوله اتخذتموهن بأمانة الله أشارة إلا أن هذا العقد غير معقود لمقصود إثبات الملك ولهذا انعقد بلفظة إلا نكاح والتزويج وهما لا يد لأن على الملك إلا ترى أنه لا ينعقد بهما شيء من عقود التمليكات ولكن المقصود بالنكاح ما لا يحصى من مصالح الدين والدنيا وألفاظ التمليك لا تدل على شيء من ذلك فلا ينعقد بها هذا العقد وهو معنى قولهم هذا عقد خاص فلا ينعقد بغيره ألا ترى أن الشهادة لما شرعت بلفظ خاص لمعنى وهو إنها موجبة بنفسها كما أشار الله تعالى إليه في قوله شهد الله أنه لا إله إلا هو لم يقم لفظ آخر مقام هذا اللفظ حتى لو قال الشاهد احلف لا يصح أداء الشهادة به والدليل عليه أن التزويج هو التعليق والنكاح هو الضم وليس فيهما ما يدل على الملك وليس في التمليك معني التلفيق والضم فلا ينعقد هذا اللفظ بالفاظ التمليك وكيف ينعقد النكاح بهذا اللفظ والفرقة تقع به إذا قال لامرأته وهبت نفسك منك كان بمنزلة لفظ الطلاق مع إن النكاح لا يصح إلا بشهود وعند ذكر لفظ الهبة الشهود لا يعرفون إنهما أرادا النكاح وحجتنا في ذلك قوله تعالى ! < وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي > ! صلى الله عليه وسلم الآية معناه أن أراد النبي أن يستنكحها فوهبت نفسها منه فقد جعل الله تعالى الهبة جوابا للاستنكاح والاستنكاح طلب النكاح وأما قوله خالصة لك فقد قيل المراد به المرأة يعني أنها خالصة لك فلا تحل لأحد بعدك حتى يكون شريكك في الفراش من حيث الزمان كما قال الله تعالى في آية أخرى ! < وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا > ! والأصح أن المراد هبة خالصة لأن قوله أن وهبت يقتضي هبة والكناية تنصرف إلى الثابت بمقتضى الكلام فيكون المعنى هبة خالصة لا يلزمك مهر لها وهذا لك دون المؤمنين .
ألا ترى أنه قال