الفرقة بالاتفاق عندنا لتباين الدارين وعنده للقصد إلى المراغمة والاستيلاء على حق الزوج فإن خرجت غير مراغمة لزوجها أو خرج الزوج مسلما أو ذميا تقع الفرقة بتباين الدارين عندنا ولا تقع عند الشافعي رحمه الله تعالى واستدل بحديث أبي سفيان رضي الله عنه فإنه أسلم بمر الظهران في معسكر رسول الله ثم لم يجدد رسول الله النكاح بينه وبين امرأته هند ولما فتح رسول الله مكة هرب عكرمة بن أبي جهل وحكيم بن حزام رضي الله عنهما حتى أسلمت امرأة كل واحد منهما وأخذت الأمان لزوجها وذهبت فجاءت بزوجها ولم يجدد رسول الله النكاح بينهما وإن زينب بنت رسول الله هاجرت إلى المدينة ثم تبعها زوجها أبو العاص بعد سنين فردها عليه بالنكاح الأول والمعني فيه أن اختلاف الدار عبارة عن تباين الولايات وذلك لا يوجب ارتفاع النكاح كاختلاف الولايتين في دار الإسلام إلا ترى أن الحربي لو خرج إلينا مستأمنا أو المسلم دخل دار الحرب بإمان لم تقع الفرقة بينه وبين امرأته وكذلك الخارج من مصر أهل العدل إلى منعة أهل البغي لا تقع الفرقة بينه وبين امرأته وأصحابنا رحمهم الله تعالى استدلوا بقوله تعالى ! < يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات > ! إلى قوله ! < فلا ترجعوهن إلى الكفار > ! الآية وليس في هذه الآية بيان قصد المراغمة فاشتراطه يكون زيادة على النص وقال الله تعالى ! < ولا تمسكوا بعصم الكوافر > ! والكوافر جمع كافرة معناه لا تعدوا من خلفتموه في دار الحرب من نسائكم ولما أراد عمر رضي الله عنه أن يهاجر إلى المدينة نادي بمكة إلا من أراد أن تئيم امرأته منه أو تبين فليلتحق بي أي فليصحبني في الهجرة والمعنى فيه أن من بقي في دار الحرب في حق من هو في دار الإسلام كالميت قال الله تعالى أو من كان ميتا فاحييناه أي كافرا فرزقناه الهدى إلا ترى أن المرتد اللاحق بدار الحرب يجعل كالميت حتى يقسم ماله بين ورثته فكما لا تتحقق عصمة النكاح بين الحي والميت فكذلك لا تتحقق عند تباين الدارين حقيقة وحكما فأما إذا خرج إلينا بأمان فتباين الدارين لم يوجد حكما لأنه من أهل دار الحرب متمكن من الرجوع إليها وكذلك إذا دخل المسلم دار الحرب بإمان فهو من أهل دار الإسلام حكما ومنعه أهل البغي من جملة دار الإسلام ومن فيها لا يجعل بمنزلة الميت حكما والدليل عليه أنه ما خرج إلا قاصدا احراز نفسه من المشركين فلا يعتبر مع ذلك القصد إلى المراغمة ولو كان خروجها على سبيل المراغمة لزوجها وقعت الفرقة