الكرخي رحمه الله تعالى أنه كان يقول الأصح عندي أن لا تعتبر الكفاءة في النكاح أصلا لأن الكفاءة غير معتبرة فيما هو أهم من النكاح وهو الدماء فلأن لا تعتبر في النكاح أولى ولكن هذا ليس بصحيح فإن الكفاءة غير معتبرة في الدين في باب الدم حتى يقتل المسلم بالكافر ولا يدل ذلك على أنه غير معتبر في النكاح إذا عرفنا هذا فنقول الكفاءة في خمسة أشياء ( أحدها ) النسب وهو على ما قال قريش أكفاء بعضها لبعض فإنهم فيما بينهم يتفاضلون وأفضلهم بنو هاشم ومع التفاضل هم أكفاء ألا ترى أن رسول الله تزوج عائشة رضي الله تعالى عنها وكانت تيمية وتزوج حفصة رضي الله تعالى عنها وكانت عدوية وزوج ابنته من عثمان رضي الله تعالى عنه وكان عبشميا فعرفنا أن بعضهم أكفاء لبعض .
وروى عن محمد رحمه الله تعالى أنه قال إلا أن يكون نسبا مشهورا نحو أهل بيت الخلافة فإن غيرهم لا يكافئهم وكإنه قال ذلك لتسكين الفتنة وتعظيم الخلافة لا لانعدام أصل الكفاءة والعرب بعضهم أكفاء لبعض فإن فضيلة العرب بكون رسول الله منهم ونزول القرآن بلغتهم وقال حب العرب من الإيمان وقال لسلمان رضي الله تعالى عنه لا تبغضني قال وكيف أبغضك وقد هداني الله بك قال تبغض العرب فتبغضني ولا تكون العرب كفؤا لقريش والموالي لا يكونون كفؤا للعرب كما قال والموالي بعضهم أكفاء لبعض وهذا لأن الموالي ضيعوا أنسابهم فلا يكون التفاخر بينهم بالنسب بل بالدين كما أشار إليه سلمان رضي الله تعالى عنه حين تفاخر جماعة من الصحابة بذكر الانساب فلما انتهى إلى سلمان رضي الله تعالى عنه قالوا سلمان بن من فقال سلمان بن الإسلام فبلغ ذلك عمر رضي الله تعالى عنه فبكى وقال وعمر بن الإسلام فمن كان من الموالي له أبوان في الإسلام فهو كفؤ لمن له عشرة آباء لأن النسبة تتم بالانتساب إلى الأب والجد فمن كان له أبوان مسلمان فله في الإسلام نسب صحيح ومن أسلم بنفسه لا يكون كفؤا لمن له أب في الإسلام ومن أسلم أبوه لا يكون كفؤا لمن له أبوان في الإسلام لأن هذا يحتاج في النسبة إلى الأب الكافر وذلك منهى عنه لما روى أن رجلا انتسب إلى تسعة آباء في الجاهلية فقال هو عاشرهم في النار ولكن هذا إذا كان على سبيل التفاخر دون التعريف ( والثاني ) الكفاءة في الحرية فإن العبد لا يكون كفؤا لامرأة حرة الأصل وكذلك المعتق لا يكون كفؤا لحرة الأصل والمعتق أبوه لا يكون كفؤا لامرأة