( قال ) وإذا مات زوج البكر قبل أن يدخل بها بعد ما خلابها زوجها أبوها بعد انقضاء العدة كما تزوج البكر لأن صفة البكارة قائمة والحياء الذي هو علة قائم فإن بوجوب العدة والمهر لا يزول الحياء فلهذا يكتفي بسكوتها وإن جومعت بشبهة أو نكاح فاسد لم يجز تزويجها بعد ذلك إلا برضاها ولا يكتفي بسكوتها في هذا الموضع لأنها ثيب لقوله والثيب تشاور فأما إذا زنت يكتفى بسكوتها عند التزويج عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعند أبي يوسف ومحمد والشافعي رحمهم الله تعالى لا يكتفي بسكوتها لأنها ثيب لأن الثيب اسم لامرأة يكون مصيبها عائدا إليها مشتق من قولهم ثاب أي رجع والبكر اسم لامرأة مصيبها يكون أول مصيب لها لأن البكارة عبارة عن أولية الشيء ومنه يقال لأول النهار بكرة وأول الثمار باكورة والدليل عليه أنها تستحق من الوصية للثيب دون الوصية للأبكار وإذا كانت ثيبا وجب مشورتها بالنص ولا يجوز الاشتغال بالتعليل مع هذا لأنه يكون تعليلا لابطال حكم ثابت بالنص ولأن الحياء بعد هذا يكون رعونة منها فإنها لما لم تستح من إظهار الرغبة في الرجال على أفحش الوجوه كيف تستحي من إظهار الرغبة على أحسن الوجوه بخلاف حياء البكر لأنه حياء كرم الطبيعة وذلك أمر محمود وهذه لو كان فيها حياء إنما هو استحياء من ظهور الفاحشة وذلك غير ما ورد فيه النص ولكن أبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول صاحب الشرع إنما جعل سكوتها رضا لا للبكارة بل لعلة الحياء فإن عائشة رضي الله تعالى عنها لما أخبرت أنها تستحي فحينئذ قال سكوتها رضاها وغلبة الحياء هنا موجودة فإنها وإن أبتليت بالزنى مرة لفرط الشبق أو أكرهت على الزنى لا ينعدم حياؤها بل يزداد لأن في الاستنطاق ظهور فاحشتها وهي تستحي من ذلك غاية الاستحياء وهذا الاستحياء محمود منها لأنها سترت ما على نفسها وقد أمرت بذلك قال من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله وقبل هذا الفعل إنما كانت لا تستنطق لأن الاستنطاق دليل ظهور رغبتها في الرجال فإذا سقط نطقها في موضع يكون النطق دليل رغبتها في الرجال على أحسن الوجوه فلان يسقط نطقها في موضع يكون النطق دليل الرغبة في الرجال على أفحش الوجوه كان أولى بخلاف ما إذا وطئت بشبهة أو بنكاح فاسد لأن الشرع أظهر ذلك الفعل عليها حين ألزم المهر والعدة وأثبت النسب بذلك الفعل وهنا الشرع ما أظهر ذلك عليها إذ لم يعلق به شيئا من الأحكام وأمرها بالستر على نفسها فإن