24 وهذا الشرط مبهم فالحديث ورد لبيان ما هو مبهم في الكتاب ورسول الله بعث مبينا قال الله تعالى ! < لتبين للناس ما نزل إليهم > ! أو نقول هذا الحديث مقرر للحرمة المذكورة في الكتاب فإن الله تعالى ذكر في المحرمات الجمع بين الأختين لأن بينهما رحما يفترض وصلها ويحرم قطعها وفي الجمع قطيعة لرحم على ما يكون بين الضرائر من التنافر فبين رسول الله أن كل قرابة يفترض وصلها فهي في معنى الأختية في تحريم الجمع والتي بين العمة وبنت الأخ قرابة يفترض وصلها حتى لو كان أحدهما ذكرا والأخرى أنثى لم يجز للذكر أن يتزوج الأنثى صيانة للرحم وإذا ملكه عتق عليه تحرزا عن قطيعة الرحم فكان الحديث مقررا للحرمة المذكورة في القرآن لا أن يكون ناسخا .
( قال ) ( وبلغنا عن عمر رضي الله عنه أنه قال لأمنعن النساء فروجهن إلا من الأكفاء ) وفي هذا دليل على أن للسلطان يدا في الأنكحة فقد أضاف المنع إلى نفسه وذلك يكون بولاية السلطنة وفيه دليل أن الكفاءة في النكاح معتبرة وأن المرأة غير ممنوعة من أن تزوج نفسها ممن يكافئها وأن النكاح ينعقد بعبارتها ( قال ) ( وبلغنا عن النبي أنه قال البكر تستأمر في نفسها وإذنها صماتها والثيب تشاور ) ومعنى قوله تستأمر في نفسها أي في أمر نفسها في النكاح فهو دليل على أنه ليس لأحد من الأولياء أن يزوجها من غير استئمارها أبا كان أو غيره وقيل معناه تستأمر خالية لا في ملأ من الناس لكيلا يمنعها الحياء من الرد إذا كانت كارهة ولا تذهب حشمة الولي عنه بردها قوله وإذنها صماتها وفي بعض الروايات سكوتها رضاها وذلك دليل على أن رضاها شرط وأن السكوت منها دليل على الرضا فيكتفي به شرعا لما روي أن عائشة رضي الله عنها قالت يا رسول الله إنها تستحي فتسكت فقال صلى الله عليه وسلم سكوتها رضاها ومعنى هذا أنها تستحي من إظهار الرغبة في الرجال وإذا استؤمرت فلها جوابان نعم أو لا وسكوتها دليل على الجواب الذي يحول الحياء بينها وبين ذلك الجواب وهو الرضا دون الإباء إذ ليس في الإباء إظهار الرغبة في الرجال وقد يكون السكوت دليل الرضا كسكوت الشفيع بعد العلم بالبيع وسكوت المولى عند رؤيته تصرف العبد عن الحجر عليه وقوله والثيب تشاور دليل على أنه لا يكتفي بسكوت الثيب فإن