بنت أختها ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفي ما في صحفتها فإن الله تعالى هو رازقها وهذا الحديث يرويه رجلان من الصحابة رضي الله عنهم بن عباس وجابر رضي الله عنهما وهو مشهور بلغة العلماء بالمقبول والعمل به ومثله حجة يجوز به الزيادة على كتاب الله تعالى عندنا وفيه دليل على حرمة نكاح المرأة على عمتها وخالتها لأن هذا النهي بصيغة الخير وهذا أبلغ ما يكون من النهي كما أن الأمر قد يكون بصيغة الخبر قال الله تعالى ! < والمطلقات يتربصن بأنفسهن > ! 228 الآية وقال الله تعالى ! < والوالدات يرضعن أولادهن > ! 233 والنهي يقتضي التحريم ثم ذكر هذا النهي من الجانبين إما للمبالغة في بيان التحريم أو لإزالة الإشكال فربما يظن ظان أن نكاح بنت الأخ على العمة لا يجوز ونكاح العمة على بنت الأخ يجوز لتفضيل العمة كما لا يجوز نكاح الأمة على الحرة ويجوز نكاح الحرة على الأمة فبين رسول الله ثبوت هذه الحرمة من الجانبين وقوله لا تسأل المرأة طلاق أختها نهي بصيغة الخبر وله تأويلان .
إما أن يكون المراد به الأخت دينا بأن تكون امرأتان تحت رجل وهو يحسن إليهما فتجيء إلى الزوج إحداهما وتقول طلق صاحبتي ليتحول نصيبها إلي هذا منهي عنه لأنه سبب للتحاسد والتنافر وقال لا تحاسدوا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخوانا .
أو يكون المراد به الأخت نسبا بأن تأتي المرأة إلى زوج أختها وتقول فارقها وتزوجني فإني أوفق لك وهذا منهي عنه لأنه سبب لقطيعة الرحم بينهما وقطيعة الرحم من الملاعن وإليه أشار في بعض الروايات فقال إنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامهن ومعنى قوله لتكفىء ما في صحيفتها أي لتحول نصيبها إلى نفسها وروي لتكفىء وكلاهما لغة يقال كفأت القدر وأكفأتها إذا أملتها وأرقت ما فيها وفي بعض الروايات لتكف ما في صحفتها ومعناه لتقنع بما آتاها الله فإن الله تعالى هو رازقها والصحفة عبارة عن الحظ والنصيب وقد اشتمل الحديث على الحتم والوعظ والندب فإن قوله فإن الله هو رازقها وعظ وقوله لا تسأل ندب لأنها لو فعلت ذلك جاز ولكن لا ينبغي لها أن تفعله وقوله لا تنكح المرأة على عمتها حتم حتى إذا فعل ذلك لم يجز النكاح عندنا وقال عثمان البتي رحمه الله تعالى يجوز في غير الأختين لأن المحرم بالنص الجمع بين الأختين وهذا ناسخ لما يتلى في قوله تعالى ! < وأحل لكم ما وراء ذلكم > ! ونسخ الكتاب بخبر الواحد لا يجوز ولكنا نقول الحديث صحيح مقبول والعمل به واجب فلكونه مشهورا نقول يجوز نسخ الكتاب به عندنا أو نقول هذا مبين لما ذكر في الكتاب وليس بناسخ لأن الحل في الكتاب مقيد بشرط مبهم وهو قوله تعالى ! < أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين > !