بالنذر فإن لم يكن له نية فعليه أن يحج وليس عليه أن يحجج فلانا لأن لفظه في حق فلان محتمل والوجوب لا يحصل باللفظ المحتمل وإن كان قال فعلي أن أحجج فلانا فهذا محكم غير محتمل فإنه تصريح الالتزام بإحجاج فلان وذلك صحيح بالنذر ولو قال إن فعلت كذا فأنا أهدي فلانا ففعل ذلك الفعل فلا شيء عليه لأن النذر بالهدي لا يصح إلا في الملك وهو قد نذر هدي ما لا يملكه وما لا مالية فيه فكان نذره لغوا إذ لا ولاية له على فلان ليهديه إلا أن يكون فلان ذلك ولده فحينئذ يكون على القياس والاستحسان المعروف في نذر ذبح الولد .
( قال ) ( ولو قال إن فعلت كذا فأنا أهدي كذا وسمى شيئا من ماله فعليه أن يهديه ) لأنه التزم أن يهدي ما هو مملوك له والهدي قربة والتزام القربة في محل مملوك له صحيح كما لو نذر أن يتصدق به ثم الاهداء يكون إلى مكان وذلك المكان وإن لم يكن في لفظه حقيقة ولكن صار معلوما بالعرف أنه مكة فإن الله تعالى قال في الهدايا ! < ثم محلها إلى البيت العتيق > ! فإذا تعين المكان بهذا المعنى فإن كان ذلك الشيء مما يتقرب بإراقة دمه فعليه أن يذبحه بمكة وإن كان لا يتقرب بإراقة دمه وإنما يتقرب بالتصدق به فإنه يتصدق به على مساكين مكة وإن كان ذلك الشيء لا يستطيع أن يهديه بنفسه كالدار والأرض فعليه أن يهديه بقيمته لأن التقرب يحصل بالعين تارة ويحصل بمعنى المالية أخرى فإذا كانت العين لا تحول من مكان إلى مكان عرفنا أن مراده التزام التصدق بماليته فعليه أن يهدي قيمته يتصدق به على مساكين مكة وإن أعطاه حجبة البيت أجزأه بعد أن يكونوا فقراء لأنهم بمنزلة غيرهم من المساكين .
( قال ) ( وكذلك إن قال فثوبي هذا ستر البيت أو قال أنا أضرب به حطيم البيت فعليه أن يهديه ) استحسانا وفي القياس لا شيء عليه لأن ما صرح به في كلامه لا يلزمه لأنه ليس بقربة فلأن لا يلزمه غيره أولى وفي الاستحسان إنما يراد بهذا اللفظ الاهداء به فصار اللفظ عبارة عما يراد به غيره فكأنه التزم أن يهديه لأن اللفظ متى صار عبارة عن غيره سقط اعتباره في نفسه حقيقة .
( قال ) ( وإن قال مالي هدى فعليه أن يهدي ماله كله ) قال بلغنا عن إبراهيم أنه قال في مثل هذا يتصدق بماله كله ويمسك منه قدر قوته فإذا أفاد ما لا يتصدق بقدر ما أمسك وأورد هذه المسألة في كتاب الهبة فيما إذا قال مالي صدقة فقال في القياس ينصرف هذا إلى كل مال له وهو قول زفر رحمه الله تعالى وفي الاستحسان ينصرف إلى مال الزكاة خاصة بخلاف أما إذا قال جميع ما أملك فمن أصحابنا من قال ما ذكر هنا جواب