النسك به تركنا القياس فيه للعرف فما لا عرف فيه أخذنا بالقياس فإن قال إن كلمت فلانا فلله علي حجة يوم أكلمه ينوي أنه يجب عليه يوم يكلمه فكلمه وجب عليه حجة يقضيها متى شاء ولم يكن محرما بها يومئذ ما لم يحرم بمنزلة ما لو قال علي حجة اليوم كانت واجبة عليه يحرم بها متى شاء لأنه التزمها في ذمته والشروع في الأداء لا يتصل بالالتزام في الذمة كسائر العبادات فإن من قال لله علي أن أصوم اليوم لا يصير صائما بنذره والإحرام شروع في الأداء فلا يثبت بالالتزام ولأن ما يوجب على نفسه معتبر بما أوجب الله تعالى عليه ومن وجب عليه الحج بوجود الزاد والراحلة لا يصير محرما بنفس الوجوب عليه فكذلك لا يصير محرما بمجرد ما قال وإن وصل الاستثناء بنذره لم يلزمه شيء لأن الاستثناء يخرج الكلام من أن يكون عزيمة قال من حلف بطلاق أو عتاق واستثني فلا حنث عليه ولو قال لآخر علي حجة إن شئت فقال قد شئت فهو عليه لأن تعليق النذر بالشرط صحيح فإذا علقه بمشيئته وشاء جعل كأنه أرسل النذر عند ذلك فيلزمه كالطلاق والعتاق وقوله علي حجة مثل قوله لله علي حجة لأن الحج لا يكون إلا لله تعالى والالتزام بقوله علي ولو قال إن فعلت كذا فأنا أحرم فإن نوى به العدة فلا شيء عليه وإن نوى به الايجاب لزمه إذا فعل ذلك إما حجة أو عمرة وإن لم يكن له نية فالقياس أن لا يلزمه شيء لأن ظاهر لفظه عدة وفي الاستحسان يلزمه لأن في عرف اللسان يراد بمثله التحقيق للحال .
ألا ترى أن المؤذن يقول أشهد أن لا إله إلا الله والشاهد يقول بين يدي القاضي أشهد ويريد به التحقيق لا العدة وقوله أنا أهدي بمنزلة قوله أنا أحرم .
( قال ) ( وإن قال إن فعلت كذا فأنا أحج بفلان فحنث فإن كان نوى فأنا أحج وهو معنا فعليه أن يحج وليس عليه أن يحج به وإن نوى أن يحججه فعليه أن يحججه كما نوى ) لأن الباء للالصاق فقد ألصق فلانا بحجة وهذا يحتمل معنيين أن يحج فلان معه في الطريق وأن يعطي فلانا ما يحج به من المال والتزام الأول بالنذر غير صحيح والتزام الثاني صحيح لأن الحج يؤدي بالمال عند اليأس عن الأداء بالبدن فكان هذا في حكم البدل وحكم البدل حكم الأصل فيصح التزامه بالبدل كما يصح التزامه بالأصل فإن نوى الوجه الأول عملت نيته لاحتمال كلامه ولكن المنوي لا يصح التزامه بالنذر فلا يلزمه به شيء وإنما عليه أن يحج بنفسه فقط وإن نوى الثاني فقد نوى ما يصح التزامه بالنذر فيلزمه ذلك وإذا لزمه ذلك فإما أن يعطيه من المال ما يحج به أو يحج به مع نفسه ليحصل به الوفاء