مالك رحمه الله تعالى جميع ذي الحجة استدلالا بقوله تعالى ! < الحج أشهر معلومات > ! وأقل الجمع المتفق عليه ثلاثة ولكنا نستدل بقول بن عباس وبن مسعود وبن عمر وبن الزبير رضي الله عنهم أن أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة فأقاموا أكثر الثلاثة مقام الكمال في معنى الآية لمعنى وهو أن بالاتفاق يفوت الحج بطلوع الفجر من يوم النحر وفوات العبادة يكون بمضي وقتها فأما مع بقاء الوقت لا يتحقق الفوات ولهذا قال أبو يوسف رحمه الله تعالى أن من ذي الحجة عشر ليال وتسعة أيام فأما اليوم العاشر ليس بوقت الحج لأن الفوات يتحقق بطلوع الفجر من اليوم العاشر وهو يوم النحر وفي ظاهر المذهب اليوم العاشر من وقت الحج لأن الصحابة رضي الله عنهم قالوا وعشر من ذي الحجة وذكر أحد العددين من الإيام والليالي بعبارة الجمع يقتضي دخول ما بإزائه من العدد الآخر ولأن الله تعالى سمى هذا اليوم يوم الحج الأكبر قال الله تعالى ! < وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر > ! 3 والمراد يوم النحر لا وقت الحج لأداء الطواف فيه دون الوقوف فلهذا يتحقق الفوات بطلوع الفجر منه لفوات ركن الوقوف .
( فأما ) الشافعي رحمه الله تعالى احتج بقوله المهل بالحج في غير أشهر الحج مهل بالعمرة ولأن الإحرام بالحج كالتكبير للصلاة فكما لا يجوز الشروع في الفريضة قبل دخول وقت الصلاة في الصلاة فكذلك في الحج والإحرام أحد أركان الحج فلا يتأدى في غير وقت الحج كسائر الأركان وإذا لم يصح إحرامه بالحج كان محرما بالعمرة لأن الوقت وقت العمرة ألا ترى أنه لو فات حجه بمضي الوقت يبقى إحرامه للعمرة فكذلك إذا حصل ابتداء إحرامه في غير أشهر الحج .
( ولنا ) أن الإحرام للحج بمنزلة الطهارة للصلاة فإنه من الشرائط لا من الأركان حتى يكون مستداما إلى الفراغ منه وهذا حد شرط العبادة لأحد ركن العبادة ولأنه لا يتصل به أداء الأفعال فالإحرام يكون عند الميقات وأداء الأفعال بمكة ولو أحرم في أول يوم من أشهر الحج يصح وأداء الأفعال بعد ذلك بزمان فعرفنا أنه بمنزلة الشرط فلا يستدعي صحة الوقت بخلاف الصلاة فإن أداء الأركان هناك يتصل بالتكبير فإذا حصل قبل دخول الوقت لا يتصل أداء الأركان به والحديث في الباب شاذ جدا فلا يعتمد على مثله ولكن يكره له أن يحرم بالحج قبل أشهر الحج من أصحابنا رحمهم الله تعالى من يقول الكراهة لمعنى أن الإحرام من وجه بمنزلة الأركان ولهذا لو حصل