وقف الحاج بعرفة ثم أهل وهو واقف بحجة أخرى فإنه يرفضها وعليه دم لرفضها وحجة وعمرة مكانها ويمضي في التي هو فيها ) وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى فأما عند محمد فإحرامه باطل بمنزلة اختلافهم فيمن أحرم بحجتين على ما نبينه وإنما يرفضها لأنه لو لم يرفضها ووقف لها لبقاء وقت الوقوف يصير مؤديا حجتين في سنة واحدة ولا يجوز أن يؤدي في سنة أكثر من حجة واحدة وإذا رفضها فعليه الدم لرفضها لأنه خرج من الإحرام بعد صحة الشروع قبل أداء الأفعال فلزمه الدم كالمحصر وعليه قضاء حجة وعمرة مكانها بمنزلة المحصر بالحج إذا تحلل وهذا لأنه في معنى فائت الحج وفائت الحج يتحلل بأفعال العمرة وهذا لم يأت بأعمال العمرة فكان عليه قضاؤها مع قضاء الحج .
( قال ) ( وكذلك إن أهل بعمرة أيضا يرفضها ) لأن وقوفه لو طرأ على عمرة صحيحة أوجب رفضها على ما بينا في القارن إذا وقف قبل أن يطوف لعمرته فكذلك إذا اقترن بوقوفه إحرام العمرة وهذا لأنه لو لم يرفضها أدى أفعالها فيكون بانيا أعمال العمرة على أعمال الحج فلهذا يرفضها وعليه دم وقضاؤها لخروجه منها بعد صحة الشروع .
( قال ) ( وكذلك لو كان أهل بالحج ليلة المزدلفة بالمزدلفة فهو رافض ساعة أهل ) لأنه لو لم يرفضها عاد إلى عرفات فوقف فيصير مؤديا حجتين في سنة واحدة وهذا بخلاف ما إذا أهل بحجتين فإن هناك إذا عجل في عمل أحدهما لا يصير رافضا للأخر وهنا هو مشغول بعمل أحدهما بل هو مؤد له فلهذا يرتفض الآخر في الحال فكذلك إن أهل بعمرة ليلة المزدلفة فهو رافض لها وفي الكتاب أضاف هذا القول إلى أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى وأبو حنيفة رحمه الله تعالى لا يخالفهما في هذا لما قلنا أنه لو لم يصر رافضا كان بانيا أعمال العمرة على أعمال الحج فأما إذا أهل بحجة أخرى بعد طلوع الفجر من يوم النحر لم يرفضها لأن وقت الوقوف قد فات فلو بقي إحرامه هذا لا يكون مؤديا حجتين في سنة واحدة ولكنه يتم أعمال الحجة الأولى ويمكث حراما إلى أن يحج في السنة الثانية إلا أنه إن حلق للحجة الأولى يلزمه دم لجنايته على الإحرام الثاني بذلك الحلق وإن لم يحلق فعليه الدم عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى أيضا لتأخير الحلق في الحجة الأولى عن وقته وعندهما بهذا التأخير لا يلزمه دم .
وأصل المسألة أن من أحرم بالحج قبل أشهر الحج يكون محرما بالحج عندنا .
وعند الشافعي رحمه الله تعالى يكون محرما بالعمرة وهكذا روى الحسن بن أبي مالك عن أبي يوسف رحمهما الله تعالى وأشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة عندنا وقال