الطعام وقد أوفاه كما التزم وليس هو بمخالف لأنه ما فارق الطعام حين ذهب معه ولا أخرجه من يده فلا يكون مخالفا وكذلك إن اشترط له طريقا فحمله في طريق آخر لأن مقصود صاحب الطعام قد حصل حين أوصل الطعام إلى المكان المشروط في أي الطريقين حمله وإن حمله في البحر ضمنه إن غرق لأنه عرضه للتلف فإن الغالب من حال راكب البحر أنه على شرف الهلاك مع ما معه وإن سلم له الأجر استحسانا وهو بمنزلة ما لو كان إلى ذلك الموضع طريقان في البر أحدهما أمن والآخر مخوف فحمله في الطريق المخوف فإن تلف كان ضامنا وإن سلم استحق الأجر استحسانا فكذلك هنا لأن البحر بمنزلة الطريق المخوف ولهذا لم يكن للمودع أن يسافر بالوديعة في طريق البحر كما ليس له أن يسافر بها في الطريق المخوف ولو استأجر رجلين يحملان له طعاما من الفرات إلى أهله فحمله كله أحدهما وهما شريكان في العمل فالأجر بينهما لأن وجوب الأجر باعتبار تقبل العمل وقد باشراه أو باشره أحدهما بوكالة لصاحبه لأن مبني شركة العنان على الوكالة ثم هو في إقامة العمل نائب عن صاحبه أيضا وإن لم يكونا شريكين في العمل فللعامل نصف الأجر في نصف الطعام لأنه إنما قبل حمل نصف الطعام بنصف الآخر وقد حمله ولا أجر له في النصف الآخر لأنه كان في الحمل ضامنا للنصف الأخر بمنزلة أجنبي آخر لو حمله وهذا لأنه غير نائب عن الآخر هنا فإنه لم يسبق بينهما عقد شركة فلم يجعلة نائبا عن نفسه فيكون هو في ذلك كأجنبي آخر ولو استأجر رجلا ليذهب إلى مكان كذا فيجيء بأهله كلهم وهم خمسة فذهب وجاء بهم فله الأجر المسمى لأنه استؤجر على عمل معلوم ببدل معلوم وقد أوفى العمل المشروط عليه بكماله فله الأجر كله فإن وجد بعضهم قد مات فجاء بمن بقي منهم فله أجر ذهابه وله الأجر بحساب من جاء بهم لأنه في الذهاب أقام ما التزم من العمل على نحو ما التزمه فاستوجب أجر الذهاب وما يكون من الأجر المسمى فإنه يتوزع على حصة من جاء بهم ومن ماتوا فيلزمه بحصة من جاء بهم لأنه أقام بعض هذا العمل دون البعض فيكون له من الأجر بحساب ما أقام من العمل وإن وجدهم كلهم قد هلكوا فعاد بنفسه فله أجر ذهابه لأنه في الذهاب أقام ما لزمه بالعقد كما التزمه وفي الرجوع هو عامل لنفسه بالعود إلى وطنه وليس بعامل للمستأجر حين لم يأت بأحد من أهله فلهذا كان له أجر الذهاب خاصة ولأنه إنما يذهب لتحصيل مقصود المستأجر فكان عاملا له في ذلك وليس في رجوعه وحده تحصيل شيء من مقصود المستأجر فلم يكن عاملا له في ذلك