بانفراده يثبت الحكم بخلاف الوكيلين فإن الوكالة إنابة وإنما جعلهما نائبين عنه في التصرف فلا تثبت الإنابة لكل واحد منهما بانفراده وبيان أن ثبوت حق التصرف الفرق للموصي لا يكون إلا بعد زوال ولاية الموصى والإنابة تستدعى قيام ولاية المنوب عنه وتبطل سقوط ولايته كالوكالة وأما الولاية بطريق الخلافة فتستدعى سقوط ولاية من هو أصل ليصير الخلف قائما مقامه كالجد مع الأب .
وأبو حنيفة ومحمد رحمهما الله قالا سبب هذه الولاية التفويض فلا بد من مراعاة سبب التفويض وإنما فوض إليهما حق التصرف وكل واحد منهما في هذا السبب بمنزلة شطر العلة وشطر العلة لا يثبت شيئا من الحكم بخلاف الأخوين فالسبب هناك الأخوة وهي متكاملة في حق كل واحد منهما .
يوضحه أن ولاية التصرف للوصي بعد موت الموصي باعتبار اختيار الموصي ورضاه به وهو إنما رضي برأي المثني فرأى الواحد لا يكون كرأى المثنى ومقصوده توفير المنفعة عليه وعلى ورثته وذلك عند اجتماع رأييهما أظهر فأشبهت من هذا الوجه الوكالة فأما الأشياء المعدودة فهو تجهيز الميت وشراء ما لا بد منه للصغير وقضاء الدين ورد الوديعة وتنفيذ الوصية في العين وقبول الهبة والخصومة .
والقياس في هذة الأشياء أن لا ينفرد أحدهما به لما قلنا ولكنا استحسنا لأن التجهيز لا يمكن تأخيره وربما يكون أحدهما غائبا ففي اشتراط اجتماعهما إلحاق الضرر لا توفير المنفعة عليه وكذلك شراء ما لا بد للصبي منه فإن ذلك لحاجته فلا يحتمل التأخير .
والظاهر أن الموصي رضي برأى كل واحد منهما على الانفراد فيه عند تحقق الحاجة وأما قضاء الدين فلأن صاحب الدين يستبد باستيفائه من غير حاجة فيه إلى فعل أو رأى من الوصي فرد الوديعة كذلك والوصية بالعين إذا كانت تخرج من الثلث كذلك فالوصي له أن يأخذه فكذلك لأحدهما أن يعينه على ذلك بالتسليم والخصومة مما لا يتحقق اجتماعهما عليه .
( ألا ترى ) أنهما وإن حضرا لم يتكلم إلا أحدهما لأنهما لو تكلما جميعا لم يفهم القاضي كلام كل واحد منهما ولهذا ملك أحد الوكيلين الخصومة والتفرد بها أما قبول الهبة والصدقة فإنه لا يستدعى الولاية .
( ألا ترى ) أن الصبي يقبل بنفسه ومن يعوله وإن كان أجنبيا له أن يقبل الهبة له فأحد الوصيين بذلك أولى فأما اقتضاء الدين واسترداد الوديعة فهو على الخلاف لأن هذا يقبل التأخير ويتحقق اجتماعهما عليه وفيه توفير المنفعة لأن حفظ الواحد لا يكون كحفظ المثنى وإنما رضى الموصى بحفظهما ولم يذكر في الكتاب .
فأما إذا أوصي إلى كل واحد منهما على الانفراد .
وقد قال كثير من مشايخنا أن ها هنا ينفرد كل واحد منهما