فارغا عن الوصية فالوارث بمنزلة المالك لها فيما هو فارغ عن وصية الميت فكان كسبها للورثة لهذا المعنى ولو زوجوها لم يجز لان ولاية التزويج تثبت لملك الرقبة وهم لا يملكون رقبتها لكونها مشغولة بالوصية فان دخل بها الزوج سقط الحد للشبهة ووجب المهر وكان ذلك بمنزلة ولد ولدته فيكون للورثة ولو أوصي إلى رجل ببيع عبده هذا ويتصدق بثمنه على المساكين فباعه الوصى وقبض الثمن فهلك عنده ثم استحق العبد كان أبو حنيفة مرة يقول يضمن الوصى ولا يرجع على أحد بشيء لان الوصية قد بطلت باستحقاق العبد والوصى هو الذي قبض الثمن فيضمن مثله للمشتري ولا يرجع على الورثة بشيء لان الميت ما أوصى بشيء مما وصل إلى الورثة ثم رجع وقال يرجع الوصى بما يضمن من الثمن في مال الميت وهو قولهما لان الوصي في هذا البيع كان عاملا للميت فما يلحقه من العهدة بسبب عمله يرجع به على الميت ويكون ذلك بمنزلة الدين له يستوفيه من جميع ماله وروى بن سماعة عن محمد رحمهما الله انه يرجع بقدر ثلث ماله مما يغرم لانه انما لحقه هذا الغرم باعتبار وصية الميت ومحل الوصية الثلث فلهذا يقتصر رجوعه على ثلث مال الميت والله أعلم .
$ باب الوصي والوصية $ ( قال رحمه الله ) ويكتب في كتاب وصيته تركته لان الكتاب للتوثق والرجوع إليه عند المنازعة وأكثر ما تقع فيه المنازعة التركة التي تصير في يد الموصى فينبغي أن يذكرها في الكتاب ان كتب فيه انه يعمل كذا ان مات من مرضه هذا أو في سفره هذا فرجع من ذلك السفر وبرأ من ذلك المرض بطلت تلك الوصية لانه علقها بشرط وقد فات والوصية إلى الغير اثبات الخلافة أو الاطلاق وهو يحتمل التعليق بالشرط كالوكالة أو هي اثبات الولاية بمنزلة تقليد القضاء فيحتمل التعليق بالشرط وإذا أوصى إلى رجلين فمات أحدهما جعل القاضي مكانه وصيا آخر والكلام ها هنا في فصول ثلاثة أحدها أن أحد الوصيين لا ينفرد بالتصرف في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله الا في أشياء معدوده استحسانا وفي قول أبي يوسف ينفرد كل واحد منهما بالتصرف وجه قوله ان الوصايا تثبت الولاية للوصى في التصرف وكل واحد من الوليين يتصرف بانفراده كانه ليس معه غيره كالاخوين في النكاح والابوين وهذا لان الولاية لا تحتمل التجزىء وبتكامل السبب في حق كل واحد منهما