كان له أن يرجع على الورثة بثلث ما أخذوه بخلاف ما إذا قاسم على الورثة مع الموصى له لأن الورثة يخلفون المورث في العين يبقى لهم الملك الذي كان للمورث ولهذا يرد الوارث بالعيب ويصير مغرورا فيما اشتراه مورثه والوصي قائم مقام الموصي فيكون قائما مقام من يخلفه في ملكه .
وأما الموصى له فيثبت الملك له بإيجاب مبتدأ حتى لا يرد بالعيب ولا يصير مغرورا فيما اشتراه الموصي فلا يقوم الموصي مقامه في تعيين محل حقه ولكن ما هلك مما عزله يهلك على الشركة وما بقي يبقى على الشركة والعزل إنما يصح بشرط أن يسلم المعزول للموصى له وإذا أوصى أن يحجوا عنه وارثا لم يجز إلا أن يجيزه الورثة لأن فيه إيثاره بشيء من ماله لنفقته على نفسه وكما أنه لا يجوز إيثاره بشيء من المال تمليكا منه بدون إجازة الورثة فكذلك إباحته له لنفقته على نفسه .
ولو أوصى بأن يحج عنه بمائة درهم وأوصى بما بقي من ثلثه لفلان وأوصى بالثلث من ماله لآخر والثلث بمائة درهم فنصف الثلث للحج ونصفه لصاحب الثلث لاستواء الوصيتين في القوة والمقدار ولا شيء لصاحب ما بقي لأنه لم يبق من الثلث شيء والإيجاب بهذا اللفظ يتناول ما بقي وإذا لم يبق من الثلث شيء بطل الإيجاب لانعدام المحل وهو بمنزلة العصبة مع أصحاب الفرائض فإن للعصبة ما بقي بعد حق أصحاب الفرائض وإذا لم يبق شيء لم يكن له شيء بقول فإن مات الموصى له بالثلث قبل موت الموصي فما بقي من الثلث للموصى له بما بقي لأن وصية الموصى له بالثلث بطلت بموته قبل موت الموصي فكأنها لم تكن ولكن لا يصح هذا الجواب على ما وضعه عليه في الابتداء أن الثلث مائة درهم لأنه أوصى أن يحج عنه بمائة فيجب تنفيذ هذه الوصية أولا ثم لا يبقى من الثلث شيء لأن ذلك لا يكون له بما بقي إلا أن يكون الثلث أكثر من مائة فحينئذ يحج عنه بالمائة والفضل للموصى له بما بقي وإذا كانت الوصايا لله تعالى لا يسعها الثلث مثل الحجة والنسمة والبدنة بدئ بالذي بدأ به ما خلا حجة الإسلام أو الزكاة أو شيئا واجبا عليه فإنه يبدأ بالواجب وإن كان الميت أخره استحسن ذلك ودع القياس فيه وقد تقدم في ترتيب الوصايا من البيان ما هو كاف والله أعلم بالصواب .
$ باب الوصية للوارث والأجنبي والقاتل $ ( قال رحمه الله ) قد بينا أن الوصية للوارث لا تجوز بدون إجازة الورثة لقوله عليه السلام لا وصية لوارث إلى أن يجيزه الورثة فإن أوصى لبعض ورثته ولأجنبي جازت حصة