يضرب كل واحد منهما فيه بنصف الجناية لاستواء حقهما فيه وكذلك إن جنى بعد ذلك جناية أخرى فهو على هذا القياس والمعنى الذي بينا يعم الفصول كلها وإذا جنى المدبر على أحد مولييه جناية تزيد على قيمته فغرم شريكه له نصف قيمته بأمر القاضي ثم جنى المدبر على الآخر فغرم شريكه له نصف قيمته بأمر القاضي ثم جنى على أجنبي جناية فإنه يضرب مع كل واحد من الموليين فيما في يده بنصف الجناية لأن كل واحد من الموليين غرم قيمة نصيبه بجناية المدبر مرة فلا يغرم شيئا آخر ثم حق الآخر استوى بحق كل واحد من الموليين في النصف الذي وصل إليه من القيمة فكذلك يقسم كل نصف بينه وبين من في يده نصفان رجل مات وترك مدبرا لا مال له غيره فجنى المدبر جناية فعليه أن يسعى في الأقل من قيمته ومن أرش الجناية ويسعى المدبر في ثلثي قيمته في قول أبي حنيفة لأن بموت المولى عتق ثلثه بالتدبير ولزمه السعاية في ثلثي قيمته والمستسعى بمنزلة المكاتب عنده وجناية المكاتب توجب عليه في كسبه الأقل من قيمته ومن أرش الجناية وعلى قولهما حر عليه دين فجنايته تكون على عاقلته وعاقلته عاقلة مولاه ثم عند أبي حنيفة حكمه في الجناية كحكم المكاتب حتى إذا جنى جنايتين قبل أن يقضي القاضي عليه بشيء فليس عليه إلا قيمة واحدة إلا أن يكون القاضي قضى عليه للأول بالقيمة ثم جنى جناية أخرى فحينئذ تلزمه القيمة للثاني وعلى قول زفر لا فرق بين ما قبل القضاء وبين ما بعده وهو قول أبي يوسف الأول وقد بينا هذا في الديات وفيه إشكال ها هنا فإن في المكاتب جعلنا جنايته في رقبته لتوهم دفعه بالجناية بعد العجز وهذا لا يتحقق في معتق البعض فكان ينبغي أن يكون موجب جنايته القيمة في ذمته ابتداء سواء قضى بها القاضي أو لم يقض ولكنا نقول الدفع ها هنا متوهم أيضا فإن من العلماء من يقول معتق البعض يستدام فيه الرق فيما بقي منه ويكون محتملا للتمليك والتملك فإن اجتهد القاضي هذا القول حكم به عند عجزه عن الأداء بعد حكمه فلهذا تتعلق جنايته برقبته كما تتعلق بجناية المكاتب إلا أنهما يفترقان في فصل وهو أن هذا المدبر لو مات بعد جنايته قبل أن يسعى في ثلثي قيمته للورثة وعليه دين فإن ما تركه بين أصحاب الجناية وأصحاب الدين الذين لهم عليه بالحصص بخلاف المكاتب فقد بينا أن هناك إذا لم يقض القاضي بالجناية على المكاتب حتى مات وعليه دين كان صاحب الدين مقدما على صاحب الجناية لأن هناك بموته عاجزا تنفسخ الكتابة ويبطل حق ولي الجناية فكان صاحب الدين أقوى من هذا الوجه وهذا المعنى لا يوجد هنا فإن بموته لا ينفسخ السبب الموجب للسعاية