مدبره أقل من ذلك لأن موجب جناية المدبر الأقل من قيمته مدبرا ومن أرش الجناية فإن ماتا جميعا ضمن كل واحد منهم قيمة مدبره إلا أن يكون قيمة مدبر صاحبه أقل فحينئذ يلزمه ذلك لأن كل منهما صار قاتلا لصاحبه بفعل كان منه في حياته فموته بعد ذلك لا بمنع وجوب القيمة على المولى وإن مات أحدهما دون الآخر فعلى مولى الباقي الأقل من قيمة مدبره ومن قيمة المقتول وعلى مولى المقتول الأقل من قيمة الميت ومن نصف قيمة الحي لأن أرش الجناية عليه هذا المقدار وإن أعتقهما مولاهما بعد الجناية كان على كل واحد منهما الأقل من قيمة مدبره وأرش جنايته على صاحبه إلى يوم أعتق الآخر سيده ولا يضمن الفضل الذي حدث في الجناية بعد العتق لأن إعتاق المجني عليه بمنزلة البرء في انقطاع السراية به لمعنى يبدل المستحق وقد بيناه في الديات مدبر بين رجلين أثلاثا جنا جناية فعليهما قيمته على قدر حصتهما فيه لأن وجوب القيمة على المولى لمنعه دفع الرقبة بالتدبير السابق وإنما منع كل واحد منهم بقدر ملكه فيلزمه من القيمة بقدر ذلك وكذلك لو كان أحدهما دبر نصيبه منه واختار الآخر تركه على حاله في قول أبي حنيفة لأن التدبير عنده يتجزأ إلا أن الآخر لا يخاطب بالدفع أو الفداء في نصيبه لأن مدبر البعض لا يحتمل التمليك كمعتق البعض فيتعذر عليه دفع نصيبه كما يتعذر عليه نصيبه مدبر بين رجلين على أحدهما جناية فعلى الآخر نصف قيمته له لأن قيمته نصيب المجني عليه فما يكون موجبا للمال عليه هدر وجناية نصيب صاحبه عليه معتبرة .
( ألا ترى ) أنه لو كان محل الدفع كان يخاطب صاحبه بدفع نصيبه إليه فكذلك يخاطب بدفع نصف القيمة إليه إذا كان نصيبه مدبرا فإن أعطى ذلك بأمر القاضي ثم جنى المدبر على أجنبي فعلى المولى المجني عليه نصف قيمة المدبر للأجنبي لأن الجناية الأولى لم تثبت في نصيبه فكأنه لم يوجد من نصيبه إلا هذه الجناية على الأجنبي فيغرم نصف قيمته له فيكون النصف الباقي فيما أخذه المولى المجني عليه من صاحبه يقتسمانه على مقدار أنصاف جنايتهما لأنه اجتمع في ذلك النصف جنايتان والمولى لا يغرم بجنايات المدبر وإن كثرت إلا قيمة واحدة وقد غرم قيمة نصيبه للمجني عليه مرة فلا يغرم شيئا آخر ولكن ما غرم يكون مشتركا بينهما لأن الأجنبي قد وصل إليه نصف حقه فإن ما بقي نصف حقه والمولى المجني عليه ما تثبت من الجناية عليه إلا نصفه فكان هذا النصف بينهما نصفان فإن جنى المدبر بعد ذلك جناية مالية لم يكن على الموليين بسبب هذه الجناية شيء آخر لأن كل واحد منهما غرم قيمة نصيبه مرة ولكن الآخر يتبع المولى المجني عليه الأول فيكون ما أخذه المولى والأول بينهما وبين هذا الآخر يضرب فيه كل واحد منهم بنصف حقه ويكون ما أخذ الأول أيضا من المولى المجني عليه بينه وبين هذا الآخر