فلا يكون هو متعديا فيه ولكنا نقول إنما يكون محتسبا إذا جعله بإذن الإمام بمنزلة حفر البئر فإنه محتسب فيه أيضا في الموضع الذي يحتاج إليه الناس ومع ذلك إذا فعله بغير إذن الإمام كان ضامنا لما يعطب به فإن مشى على جسره إنسان متعمدا لذلك فانخسف به فلا ضمان عليه لأن هذا تعمد المشي عليه فيعتبر وقوعه مضافا إلى فعله لا إلى تسبب من اتخذ الجسر ولو حفر نهرا في غير ملكه فانشق من ذلك النهر ماء فغرق أرضا أو قرية كان ضامنا لذلك لأنه أسال الماء في غير ملكه فأما أن يقال هو متعد فيه أو يقال هو مباح له ولكنه مقيد بشرط السلامة والتلف بهذا مما يمكن التحرز عنه فكان ضامنا كالمشي والسير على الدابة في الطريق ولو كان في ملكه لم يضمن شيئا لأن ذلك مباح له مطلق وكذلك لو سقى أرضه فخرج الماء منها إلى غيرها لم يضمن لأن سقي أرضه تصرف في ملكه وذلك مباح له مطلقا وكذلك لو أحرق حشيشا في أرضه أو حصائد أو أجمة فخرجت النار إلى أرض غيره وأحرقت شيئا فلا ضمان عليه لأن هذا التصرف في ملكه مباح له مطلقا قال بعض المتأخرين هذا إذا كانت الرياح ساكنة حين أوقد النار فأما إذا كان اليوم ريحا على وجه يعلم أن الريح يذهب بالنار إلى أرض جاره فهو ضامن استحسانا بمنزلة من صب الماء في ميزاب له وتحت الميزاب متاع لإنسان يفسد به قال هو ضامن فكذلك النار يوقدها الرجل في داره أو تنوره فلا ضمان عليه فيما احترق لأن هذا التصرف في ملكه مباح له مطلقا وكذلك لو حفر نهرا أو بئرا في داره فنزت من ذلك أرض جاره لم يضمن بهذا السبب شيئا ولا يؤمر بأن يحول ذلك عن موضعه لأنه أحدثه في ملكه إلا أنه بقي فيما بينه وبين ربه أن يكف عما يؤذي جاره .
فأما الحكم فإنه لا يؤمر أن يحوله إلا أن يشاء ولو صب الماء في ملكه فخرج من صبه ذلك إلى ملك غيره فأفسده كان هذا والأول في القياس سواء إلا أن صب الماء في ملكه مباح له مطلقا غير أن الأخذ بالقياس ها هنا يقبح لأن الماء سيال بطبعه فإذا كان عند صب الماء يعلم أنه يسيل إلى ملك جاره يكون ضامنا لما يفسد به استحسانا .
( ألا ترى ) أنه لو صبه في ميزاب له فأفسد متاعا له تحته يكون ضامنا ويعد ذلك من جنايته بمنزلة مباشرته بيده وكذلك الجواب فيما يشبهه والله أعلم .
$ باب ما يحدث في المسجد والسوق $ ( قال رحمه الله ) وإذا احتفر أهل المسجد فيه بئرا لماء المطر أو وضعوا فيه حبا فصب