لأن المأخوذ استحق بسبب الجناية التي كانت من العبد في يده ثم المستأجر ملك العبد المحجور عليه بالضمان وقد جنى المأذون على نصفه ثم مات المأذون وأخلف نصف القيمة فيرجع المستأجر عليه بنصف قيمة المحجور عليه فيما أخذه مولى المأذون حتى يسلم له نصف قيمة المحجور عليه وإذا احتفر الرجل بئرا في دار لا يملكها بغير إذن أهلها فهو ضامن لما وقع فيها لأنه متعد بالحفر في ملك الغير كما هو متعد بالحفر في الطريق فإن أقر رب الدار أنه أمره بذلك لم يصدق في القياس لأن الضمان قد وجب على عاقلة الحر وهو بقوله يريد إسقاط ذلك الضمان ولا ولاية له على أولياء المقتول في إسقاط حقهم وفي الاستحسان القول قوله ولا ضمان على أحد لأن رب الدار أقر بما يملك إنشاءه فإنه لو أذن له بالحفر الآن في ملكه صح إذنه ومن أقر بما يملك إنشاءه يكون مصدقا في ذلك فكان الثابت من الإذن بإقراره كالثابت بالبينة والحافر يخرج به من أن يكون متعديا فإذا احتفر الرجل بئرا في طريق مكة أو في غير ذلك من الفيافي فلا ضمان عليه في ذلك لأنه غير متعد بالحفر في ذلك الموضع إذ لا يتضرر به أحد ولهذا قال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله يملك بالحفر موضع بئره وما حوله من الحريم وعند أبي حنيفة رحمه الله كذلك إذا كان حفر بإذن الإمام فعرفنا أنه غير متعد في هذا الحفر فهو كالحافر في ملكه .
( ألا ترى ) أنه لو ضرب هناك فسطاطا أو اتخذ تنورا يخبز فيه أو ربط هناك دابته لم يضمن ما أصاب من ذلك بمنزلة ما لو فعله في ملكه وهذا إذا كان في غير المحجة فأما إذا احتفر في محجة الطريق فهو ضامن لما يقع فيه لأن الحق في ذلك الموضع للعامة فالتصرف فيه بمنزلة التصرف في الأمصار والله أعلم .
$ باب النهر $ ( قال رحمه الله ) وإذا احتفر الرجل نهرا في ملكه أو جعل عليه جسرا أو قنطرة في أرضه فعطب به إنسان فلا ضمان عليه لأنه غير متعد فيما أحدثه في ملكه والمسبب إذا لم يكن متعديا لا يكون ضامنا وإذا حفر البئر في أرض غيره فهو بمنزلة البئر فيكون ضامنا لكونه متعديا في السبب وكذلك لو جعل عليه جسرا أو قنطرة في غير ملكه والجسر اسم لما يوضع ويرفع فلا يرجع والقنطرة ما يحكم بناؤه وعن أبي يوسف أنه لا يكون ضامنا في هذا وإن أحدثه في غير ملكه إذا كان بحيث لا يتضرر به غيره لأنه محتسب فيما صنع فإن الناس ينتفعون بما أحدثه