ضمان على صاحبه لأنه لم يوجد منه صنع هو تعد فإنه وضع البناء في ملكه فلا يكون متعديا في الوضع ولا صنع له في مثل الحائط ولكن هذا إذا كان بناء الحائط مستويا فإن كان بناه في الأصل مائلا إلى الطريق فهو ضامن لمن يسقط عليه لأنه متعد في شغل هواء الطريق ببنائه وهواء الطريق كأصل الطريق حق المارة فمن أحدث فيه شيئا كان متعديا ضامنا فأما إذا بناه مستويا فإنما شغل ببنائه هواء ملكه وذلك لا يكون تعديا منه فلو أشهد عليه في هذا الحائط المائل فلم يهدمه حتى سقط وأصاب إنسانا ففي القياس لا ضمان عليه أيضا وهو قول الشافعي لأنه لم يوجد منه صنع هو تعد والإشهاد فعل غيره فلا يكون سببا لوجوب الضمان عليه لكن استحسن علماؤنا رحمهم الله إيجاب الضمان روي ذلك عن علي رضي الله عنه وعن شريح والنخعي والشعبي وغيرهم من أئمة التابعين وهذا لأن هواء الطريق قد اشتغل بحائطه وحين قد أشهد عليه فقد طولب بالتفريغ والرد فإذا امتنع من ذلك بعد ما تمكن منه كان ضامنا بمنزلة ما لو هبت الريح بثوب ألقته في جحر فطالبه صاحبه بالرد عليه فلم يفعل حتى هلك بخلاف ما قبل الإشهاد ولانه لم يطالب بالتفريغ فهو نظير الثوب إذا هلك في جحره قبل أن يطالبه صاحبه بالرد ثم لا معتبر بالإشهاد وإنما المعتبر التقدم إليه في هدم الحائط فالمطالبة تتحقق وينعدم به معنى العذر في حقه وهو الجهل بميل الحائط إلا أنه ذكر الإشهاد احتياطا حتى إذا جحد صاحب الحائط التقدم إليه في ذلك أمكن إثباته عليه بالبينة بمنزلة الشفيع فالمعتبر في حقه طلب الشفعة ولكن يؤمر بالإشهاد على ذلك احتياطا لهذا المعنى وهذا التقدم إليه يصح من كل واحد من الناس مسلما أو ذميا رجلا كان أو امرأة لأن الناس في المرور في الطريق شركاء والتقدم إليه صحيح عند السلطان وعند غير السلطان لأنه مطالبة بالتفريغ وغير مطالبة في الطريق ولكل أحد حق في الطريق فينفرد بالمطالبة بتفريغه وصورته أن يقول له إن حائطك هذا مائل فاهدمه وذكر عن الشعبي أنه كان يمشي ومعه رجل فقال الرجل إن هذا الحائط لمائل وهو لعامر ولا يعلموا الرجل أنه عامر فقال عامر ما أنت بالذي يفارقني حتى أنقضه فبعث إلى الفعلة فنقضه فعرفنا أن الإشهاد بهذا اللفظ يتم وبعد الإشهاد إن تلف بالحائط مال فالضمان في ماله وإن تلف به نفس فضمان ديته على عاقلته لأن هذا دون الخطأ ولا كفارة عليه فيه لانعدام مباشرة القتل منه ويستوي إن شهد عليه رجلان أو رجل وامرأتان في التقدم إليه لأن الثابت بهذا التقدم ما لا يندرئ بالشبهات وهو المال