فيكونون قاتلين مباشرة فيلزمهم الدية والكفارة ويحرمون الميراث وإن سقط ذلك بعد فراغهم من العمل فالضمان فيه على رب الدار استحسانا وفي القياس هذا كالأول لأنهم باشروا إحداث ذلك في الطريق وصاحب الدار ممنوع من إحداثه وإنما يعتبر فيما أمره في ماله أن يفعله بنفسه ولكنه استحسن لحديث شريح فإنه قضى بالضمان على مثله على رب الدار والمعنى فيه أنهم يعملون له ولهذا يستوجبون الأجر عليه وقد صار عملهم مسلما إليه بالفراغ منه فكأنه عمل ذلك بنفسه بخلاف ما قبل الفراغ فإن عملهم لم يصر مسلما إليه بعد وهذا لأنه إنما يحدث ذلك في فنائه ويباح له فيما بينه وبين ربه إحداث مثل ذلك في فنائه إذا كان لا يتضرر به غيره ولكن لكون الفناء غير مملوك لم يتقيد بشرط السلامة فبهذا اعتبر أمره في ذلك وجعل هو كالقاتل لنفسه ولو وضع ساجة في الطريق أو خشبة باعها من رجل وبرئ إليه منها فتركها المشتري حتى عطب بها إنسان فالضمان على الذي وضعها لأنه كان متعديا في وضعها فما بقيت في ذلك المكان بقي حكم فعله وكما أن انعدام ملكه في الخشبة لا يمنع وجوب الضمان عليه بوضعها في الطريق فكذلك زوال ملكه بالبيع وإن كان جميع ما ذكرنا في ملك قوم أشرعوه في ملكهم فلا ضمان في شيء من ذلك وإن كان أشرعه بعضهم دون بعض فعليه الضمان يرفع عنه بحصة ما ملكه من ذلك لأن أحد الشركاء لا يملك البناء في الملك المشترك بغير رضا شركائه فهو جان باعتبار إرضائهم غير جان باعتبار نصيبه فيتوزع الضمان على ذلك بمنزلة أحد الشركاء في الجارية إذا وطئها يلزمه العقر ويرفع عنه من ذلك حصته وذلك بخلاف ما لو توضأ فيه أو صب فيه ماء أو وضع متاعا لأن ذلك يتمكن من فعله كل واحد من الشركاء شرعا فيستحسن أن لا يجعله ضامنا به بخلاف البناء وإذا وضع في الطريق جمرا فأحرق شيئا فهو ضامن له لأنه متعد في إحداث النار في الطريق فإن حركته الريح فذهب به إلى موضع آخر ثم أحرق شيئا فلا ضمان عليه لأن حكم فعله قد انتسخ بالتحول من ذلك الموضع إلى موضع آخر قال وهذا إذا لم يكن اليوم يوم ريح فإن كان ريحا فهو ضامن لأنه كان عالما حين ألقاه أن الريح يذهب به من موضع إلى موضع فلا ينسخ حكم فعله بذلك بمنزلة الدابة التي جالت برباطها والله أعلم .
$ باب الحائط المائل $ قال رحمه الله وإذا مال حائط الرجل أووهى فوقع على الطريق الأعظم فقتل إنسانا فلا