على من قبلنا فهو مكتوب علينا ما لم يقم دليل النسخ فيه وقد نص على أنه مكتوب علينا فقال ! < كتب عليكم القصاص في القتلى > ! 178 ثم بين وجه الحكمة فيه بقوله ولكم في القصاص حياة وفيه معنيان أحدهما أنه حياة بطريق الزجر لأن من قصد قتل عدوه فإذا تفكر في عاقبة أمره أنه إذا قتله قتل به انزجر عن قتله فكان حياة لهما والثاني أنه حياة بطريق دفع سبب الهلاك فإن القاتل بغير حق يصير حربا على أولياء القتيل خوفا على نفسه منهم فهو يقصد إفناءهم لإزالة الخوف عن نفسه والشرع مكنهم من قتله قصاصا لدفع شره عن أنفسهم وإحياء الحي في دفع سبب الهلاك عنه وقال عليه الصلاة والسلام العمد قود أي موجبه القود فإن نفس العمد لا يكون قودا وقال صلوات الله عليه وسلامه كتاب الله القصاص أي حكم الله والقصاص عبارة عن المساواة وفي حقيقة اللغة هو اتباع الأثر قال الله تعالى و ! < وقالت لأخته قصيه > ! 8 واتباع أثر الشيء في الإتيان بمثله فجعل عبارة عن المساواة لذلك ومن حكمه حرمان الميراث ثبت ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام لا ميراث لقاتل بعد صاحب البقرة وفي رواية لا شيء للقاتل أي من الميراث ومن حكمه وجوب المال به عند التراضي أو عند تعذر إيجاب القصاص للشبهة ثبت ذلك بقوله تعالى ! < فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان > ! 178 أي فمن أعطى له من دم أخيه شيء لأن العفو بمعنى الفضل قال الله تعالى ! < ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو > ! 219 والمراد به إذا رغب القاتل في أداء الدية فالمولى مندوب إلى مساعدته على ذلك وعلى القاتل أداؤه إليه بإحسان إذا ساعده الولي وهذه الدية تجب في مال القاتل إذا كان بطريق الصلح والتراضي فكأنه هو الذي التزمه بالعقد .
وأما إذا كان عند تعذر استيفاء القصاص فلأن في الدية الواجبة عليه معنى الزجر ومعنى الزجر إنما يتحقق فيما يكون أداؤه مجحفا به وهو الكثير من ماله .
ويختلفون في وجوب الدية بهذا الفصل عند وجوب القصاص به فالمذهب عندنا أنه لم تجب الدية بالعمد الموجب للقصاص إلا أن يصالح الولي القاتل على الدية .
وللشافعي رضي الله عنه فيه قولان في أحد القولين موجب العمد أحد شيئين القصاص أو الدية يتعين ذلك باختيار المولى .
وفي القول الآخر موجبه القصاص إلا أن للولي أن يختار أخذ الدية من غير رضا القاتل واحتج في ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا وإن أحبوا أخذوا الدية فهذا تنصيص