الشهر فإذا مضى هذا الشهر فقد حجرت عليك فلا تبيعن ولا تشترين بعد ذلك فحجره هذا باطل لأنه أضاف الحجر إلى وقت منتظر وذلك غير صحيح كما لو قال لعبده المأذون قد حجرت عليك رأس الشهر فإنه يكون باطلا وهذا لأنه إنما يحتمل الإضافة إلى وقت ما يحتمل التعليق بالشرط والحجر لا يحتمل التعليق بالشرط فإنه لو قال إن كلمت فلانا فقد حجرت عليك كان هذا باطلا فكذلك لا يحتمل الإضافة إلى وقت وفرق بين هذا وبين الإذن لأنه لو قال لعبده المحجور إذا كان رأس الشهر فقد أذنت لك في التجارة فهو كما قال ولا يكون مأذونا حتى يجيء رأس الشهر لأن ذلك من باب الإطلاق والإطلاقات تحتمل الإضافة والتعليق بالشرط لأن في الإطلاق معنى إسقاط حقه عن مالية رقبته فيكون نظير الطلاق والعتاق فأما الحجر فمن باب التقييد لأنه رفع للإطلاق وهو في المعنى إحراز لمالية رقبته حتى لا يصير مستهلكا عليه بما يلحقه من الدين بعد ذلك فيكون في معنى التمليك لا يحتمل الإضافة إلى الوقت والتعليق بالشرط أو يجعل الحجر بمنزلة الرجعة بعد الطلاق وبمنزلة عزل الوكيل وعزل الوكيل لا يحتمل التعليق بالشرط في الإضافة إلى وقت بخلاف التوكيل .
وإذا أجر الرجل عبده من رجل فليس هذا بإذن منه له في التجارة لأنه إنما يؤاجره للاستخدام .
ولو استخدمه لنفسه لا يصير به مأذونا فكذلك إذا أجره من غيره للخدمة ولو أجره منه كل شهر بأجر معلوم على أن يبيع له البر ويشتريه جازت الإجارة لأن المعقود عليه منافعه في المدة وهي معلومة فصار العبد مأذونا له في التجارة لأنه رضي بتجارته والتزامه العهدة لسبب التجارة فما لزمه من دين فيما اشترى للمستأجر رجع به عليه لأنه في التصرف له نائب كالوكيل فيرجع عليه بما لحقه من العهدة وما لزمه من دين فيما اشتري لنفسه فهو في رقبته يباع فيه أو يفديه مولاه لأن في هذا يتصرف لنفسه لا للمستأجر إلا أن يقضي المولى عنه وللمكاتب أن يأذن لعبده في التجارة فكذلك المأذون له أن يأذن لعبده في التجارة سواء كان عليه دين أو لم يكن لأن كل واحد منهما متصرف لنفسه بفك الحجر عنه ثم الإذن في التجارة من صنيع التجار ومما يقصد به التجار تحصيل المال فيملك المأذون والمكاتب ذلك .
وكذلك الشريك شركة عنان له أن يأذن لعبد من شركتهما في التجارة وهو جائز على شريكه لأنه من عمل التجارة وكل واحد منهما نائب عن صاحبه فيما هو من عمل التجارة .
وكذلك المضارب له أن يأذن لعبد من المضاربة في التجارة لأنه فوض إلى المضارب ما هو من عمل التجارة في المال المدفوع إليه والإذن في التجارة من عمل التجارة