لا يصير به راضيا بقضاء دينه من سائر أمواله كما لو صرح بالإذن له في التجارة وما نقد من دراهم المولى مال آخر له فيكون العبد في قضاء الدين منه كالمستقرض له من مولاه والإقراض بالسكوت لا يثبت فلهذا كان للمولى أن يأخذ ماله من الذي أخذه لأنه وجد عين ماله ويرجع ذلك الرجل على العبد لأن ثمن المقبوض لم يسلم له فينتقض قبضه ويبقى الثمن في ذمته على حاله .
ولو كان مال المولى ذلك شيئا بعينه من العروض والمكيل والموزون سوى الدراهم والدنانير كان كذلك إلا أن المولى إذا أخذه انتقض شراء العبد به لأن العبد تعلق بعين ما أضيف إليه فصار قبضه مستحقا بالعقد .
فإذا فات القبض المستحق فيه باستحقاق المولى بطل العقد بخلاف الأول وإذا دفع إلى غلامه مالا وأمره أن يخرج به إلى بلد كذا ويدفعه إلى فلان فيشتري به البز ثم يدفعه إليه حتى يأتي به مولاه ففعله لم يكن هذا إذنا له في التجارة لأنه استخدمه حين أمره بحمل المال إليه ولم يفوض شيئا من العقود إلى رأيه وإنما جعل الشراء به إلى فلان ثم العبد يأتيه بما يشتريه فلان له فيكون هذا استخداما وإرسالا لا إذنا له في التجارة ولو دفع إلى عبده أرضا له بيضاء فأمره أن يشتري طعاما فيزرعها ويتقبل الإجراء فيها فيكريون أنهارها ويسقون زروعها ويكربونها ويؤدي خراجها فهذا إذن منه في التجارة لأنه فوض نوعا من العقد إلى رأيه وقصد تحصيل الربح والمال بتصرفه ورضي بتعلق ثمن الطعام وأجرة الإجراء بمالية رقبته فيكون به مأذونا له في التجارة .
ولو أمره أن يبيع له ثوبا واحدا يريد بذلك الربح والتجارة فهو إذن له في التجارة لأنه فوض الأمر إلى رأيه باختيار من يعامله في عقد هو تجارة وكان قصده من ذلك تحصيل الربح وصار راضيا بالتزام العهدة في مالية رقبته .
ولو قال قد أذنت لك في التجارة يوما واحدا فإذا مضى رأيت رأيا فهو مأذون له في التجارة أبدا حتى يحجر عليه في أهل سوقه لأن فك الحجر لا يقبل التخصيص بالوقت كما لا يقبل التخصيص بالمكان ولو قال أذنت لك في التجارة في هذا الحانوت كان مأذونا له في جميع المواضع وهذا لأن الفك أنواع ثلاثة نوع هو لازم تام كالإعتاق ونوع هو لازم غير تام كالكتابة ونوع هو غير لازم ولا تام كالإذن له في التجارة فكما أن النوعين الآخرين لا يقبلان التخصيص بالزمان والمكان فكذلك هذا النوع .
ثم تقييد هذا الإذن بوقت كتقييده بنوع وقد بينا أن الإذن في نوع خاص يكون إذنا في جميع التجارات وكذلك الإذن في يوم أو ساعة يكون إذنا في جميع الأيام ما لم يحجر عليه في أهل سوقه .
وكذلك لو قال أذنت لك في التجارة في هذا