معاوية رضي الله عنه ما قال عن اعتقاد وقد كان هو من كبار الصحابة رضي الله عنهم وكان كاتب الوحي وكان أمير المؤمنين وقد أخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالملك بعده فقال له عليه السلام يوما إذا ملكت أمر أمتي فأحسن إليهم إلا أن نوبته كانت بعد انتهاء نوبة علي رضي الله عنه ومضي مدة الخلافة فكان هو مخطئا في مزاحمة علي رضي الله عنه تاركا لما هو واجب عليه من الانقياد له لا يجوز أن يقال فيه أكثر من هذا .
ويحكى أن أبا بكر محمد بن الفضل رحمه الله كان ينال منه في الابتداء فرأى في منامه كأن شعرة تدلت من لسانه إلى موضع قدمه فهو يطؤها ويتألم من ذلك ويقطر الدم من لسانه فسأل المعبر عن ذلك فقال إنك تنال من واحد من كبار الصحابة رضي الله عنه فإياك ثم إياك .
وقد قيل في تأويل الحديث أيضا إن تلك التماثيل كانت صغارا لا تبدو للناظر من بعد ولا بأس باتخاذ مثل ذلك على ما روي أنه وجد خاتم دانيال عليه السلام في زمن عمر رضي الله عنه كان عليه نقش رجل بين أسدين يلحسانه وكان على خاتم أبي هريرة ذبابتان فعرفنا أنه لا بأس باتخاذ ما صغر من ذلك ولكن مسروقا رحمه الله كان يبالغ في الاحتياط فلا يجوز اتخاذ شيء من ذلك ولا بيعه ثم كان تغريق ذلك من الأمر بالمعروف عنده وقد ترك ذلك مخافة على نفسه وفيه تبيين أنه لا بأس باستعمال التقية وأنه يرخص له في ترك بعض ما هو فرض عند خوف التلف على نفسه ومقصوده من إيراد الحديث أن يبين أن التعذيب بالسوط يتحقق فيه الإكراه كما يتحقق في القتل لأنه قال لو علمت أنه يقتلني لغرقتها ولكن أخاف أن يعذبني فيفتنني فتبين بهذا أن فتنة السوط أشد من فتنة السيف .
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال لا جناح علي في طاعة الظالم إذا أكرهني عليها وإنما أراد بيان جواز التقية في إجراء كلمة الكفر إذا أكرهه المشرك عليها فالظالم هو الكافر قال الله تعالى ! < والكافرون هم الظالمون > ! البقرة 254 ولم يرد به طاعة الظالم في القتل لأن الإثم على المكره في القتل لا يندفع بعذر الإكراه بل إذا قدم على القتل كان آثما إثم القتل على ما بينه والله أعلم .
$ باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين $ ( قال رحمه الله ) ( ولو أن لصوصا من المسلمين غير المتأولين أو من أهل الذمة تجمعوا فغلبوا على مصر من أمصار المسلمين وأمروا عليهم أميرا فأخذوا رجلا فقالوا لنقتلنك أو لتشربن هذا الخمر أو لتأكلن هذه الميتة أو لحم هذا الخنزير ففعل شيئا من ذلك كان عندنا في سعة ) لأن حرمة هذه الأشياء ثابتة بالشرع وهي مفسدة بحالة الاختيار فإن الله تعالى استثنى حالة الضرورة من التحريم بقوله عز وجل ! < إلا ما اضطررتم إليه > ! الأنعام 119 والكلام