ولا يباح الإقدام على القتل في حالة الإكراه فيه يتبين عظم حرمة المؤمن عند الله تعالى وهو مراد بن عباس رضي الله عنه إنما التقية باللسان ليس باليد يعني القتل والتقية باللسان هو إجراء كلمة الكفر مكرها وعن حذيفة رضي الله عنه قال فتنة السوط أشد من فتنة السيف قالوا له وكيف ذلك قال إن الرجل ليضرب بالسوط حتى يركب الخشب يعني الذي يراد صلبه يضرب بالسوط حتى يصعد السلم وإن كان يعلم ما يراد به إذا صعد وفيه دليل أن الإكراه كما يتحقق بالتهديد بالقتل يتحقق بالتهديد بالضرب الذي يخاف منه التلف والمراد بالفتنة العذاب قال الله تعالى ! < ذوقوا فتنتكم > ! الذاريات 14 وقال الله تعالى ! < إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات > ! البروج 10 أي عذبوهم فمعناه عذاب السوط أشد من عذاب السيف لأن الألم في القتل بالسيف يكون في ساعته وتوالي الألم في الضرب بالسوط إلى أن يكون آخره الموت .
وقد كان حذيفة رضي الله عنه ممن يستعمل التقية على ما روي أنه يداري رجلا فقيل له إنك منافق فقال لا ولكني أشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كله وقد ابتلى ببعض ذلك في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما روي أن المشركين أخذوه واستحلفوه على أن لا ينصر رسول الله في غزوة فلما تخلص منهم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بذلك فقال عليه الصلاة والسلام أوف لهم بعهدهم ونحن نستعين بالله عليهم .
وذكر عن مسروق رحمه الله قال بعث معاوية رضي الله عنه بتماثيل من صفر تباع بأرض الهند فمر بها على مسروق رحمه الله قال والله لو أني أعلم أنه يقتلني لغرقتها ولكني أخاف أن يعذبني فيفتنني والله لا أدري أي الرجلين معاوية رجل قد زين له سوء عمله أو رجل قد يئس من الآخرة فهو يتمتع في الدنيا وقيل هذه تماثيل كانت أصيبت في الغنيمة فأمر معاوية رضي الله عنه ببيعها بأرض الهند ليتخذ بها الأسلحة والكراع للغزاة فيكون دليلا لأبي حنيفة رحمه الله في جواز بيع الصنم .
والصليب ممن يعبده كما هو طريقة القياس .
وقد استعظم ذلك مسروق رحمه الله كما هو طريق الاستحسان الذي ذهب إليه أبو يوسف ومحمد رحمهما الله في كراهة ذلك .
ومسروق من علماء التابعين وكان يزاحم الصحابة رضي الله عنهم في الفتوى وقد رجع بن عباس إلى قوله في مسألة النذر بذبح الولد ولكن مع هذا قول معاوية رضي الله عنه مقدم على قوله وقد كانوا في المجتهدات يلحق بعضهم الوعيد بالبعض كما قال علي رضي الله عنه من أراد أن يتقحم جراثيم جهنم فليقل في الحد يعني بقول زيد رضي الله عنه .
وإنما قلنا هذا لأنه لا يظن بمسروق رحمه الله أنه قال في