الأولى بخلاف إجارة الدور والرقيق فإنها لا تختص بوقت عرفا فراعى فيها مطلق الوكالة إنما المزارعة نظير التوكيل بإكراء الإبل إلى مكة للحج عليها فإنها تختص بأيام الموسم في السنة الأولى لأن هذا يكون في وقت مخصوص من كل سنة عرفا فيحمل على أخص الخصوص وهو وقت خروج القافلة من السنة الأولى خاصة ولو كان البذر من رب الأرض كان هذا أيضا على أن يدفعه بما يتغابن الناس فيه لأن هذا توكيل بالاستئجار فإن صاحب الأرض يكون مستأجرا للعامل والتوكيل بالاستئجار كالتوكيل بالشراء فإنما ينفذ على الموكل إذا كان بغبن يسير ورب الأرض هو الذي يلي قبض حصته وليس للوكيل قبضها إلا بإذنه لأن رب الأرض هنا ما استحق نصيبه بعقد الوكيل بل بكونه نماء بذره فإن دفعه الوكيل بما لا يتغابن الناس فيه كان الخارج بين الوكيل والمزارع على الشرط لأنه بالخلاف صار غاصبا للأرض والبذر فيكون عليه ضمان مثل ذلك البذر للموكل فإن تمكن في الأرض نقصان بالزراعة فلرب الأرض أن يضمن النقصان أيهما شاء في قول أبي يوسف الأول وهو قول محمد لأن المزارع متلف والوكيل غاصب فإن ضمن المزارع رجع به على الوكيل للغرور ولا يتصدق الزارع بشيء مما صار له في هذه المسألة ولا في المسألة الأولى ولكن الوكيل يأخذ مثل ما غرم من نقصان الأرض وبذرا مثل الذي غرم ويتصدق بالفضل لأن الخبث تمكن في تصرف الوكيل حين صار كالغاصب فعليه أن يتصدق بالفضل وإنما يدفعها الوكيل مزارعة هنا أيضا في المسألة الأولى خاصة استحسانا فإن دفعها بعد مضي تلك السنة فهو مخالف غاصب للأرض والبذر والحكم فيه ما بينا في الفصل الأول وإذا وكل رجلا بأن يأخذ له هذه الأرض مزارعة هذه السنة على أن يكون له البذر من قبل الموكل فللوكيل أن يأخذها بما يتغابن الناس فيه وإن أخذها بما لا يتغابن الناس فيه لم يجز على الموكل إلا أن يرضا به ويزرعها عليه لأنه وكيل بالاستئجار فهو بمنزلة الوكيل بالشراء فلا ينفذ تصرفه بالغبن الفاحش على الموكل إلا أن يرضا به وزراعة الموكل بعد العلم بما صنع الوكيل دليل الرضا به فهو كصريح الرضا فإن زرعها الموكل فحصل الخارج كان الوكيل هو المأخوذ بحصة رب الأرض يستوفيه منه الموكل فيسلمه إليه لأن رب الأرض استحق ذلك بالشرط والوكيل هو الذي شرط له ذلك فإن أخذ ذلك رب الأرض من الموكل بغير محضر من الوكيل بريء الوكيل لوصول الحق إلى مستحقه وإن كان الوكيل أخذها بما لا يتغابن الناس فيه وهو لم يخبره بذلك حتى زرعها الموكل وقد