صار من ذلك حشفا لأنه لو تلف الكل من غير صنع العامل لم يضمن لهم شيئا فإذا صار حشفا أولى أن لا يضمن لهم النقصان والله أعلم بالصواب .
$ باب الوكالة في المزارعة والمعاملة $ ( قال رحمه الله ) وإذا وكل الرجل الرجل بأرض له على أن يدفعها مزارعة هذه السنة فدفعها مزارعة بالثلث أو أقل أو بأكثر فهو جائز لأن الموكل حين لم ينص على مقدار من الخارج فقد فوض الأمر فيه إلى رأيه فبأي مقدار دفعها مزارعة كان ممتثلا لأمره محصلا لمقصوده إلا أن يدفعها بشيء يعلم أنه حابى فيه بما لا يتغابن الناس في مثله فحينئذ لا يجوز ذلك في قول من يجيز المزارعة لأن مطلق التوكيل عندهم يتقيد بالمتعارف فإن زرعها المزارع فخرج الزرع فهو بين المزارع والوكيل على ما اشترطا لا شيء منه لرب الأرض لأنه صار غاصبا مخالفا وغاصب الأرض إذا دفعها مزارعة كان الزرع بينه وبين المدفوع إليه على الشرط ولرب الأرض أن يضمن نقصان الأرض في قول أبي يوسف الأول وهو قول محمد رحمهما الله إن شاء الوكيل وإن شاء المزارع فإن ضمن المزارع رجع على الوكيل به لأنه مغرور من جهته وفي قول أبي يوسف الآخر يضمن المزارع خاصة لأنه هو المتلف فأما الوكيل فغاصب والعقار عنده لا يضمن بالغصب ثم يرجع المزارع على الوكيل للغرور فإن كان حابى فيه بما يتغابن الناس في مثله فالخارج بين المزارع ورب الأرض على الشرط والوكيل هو الذي قبض نصيب الموكل لأنه هو الذي أجر الأرض وإنما وجب نصيب رب الأرض بعقده فهو الذي يلي قبضه وليس لرب الأرض أن يقبضه إلا بوكالة من الوكيل فإن كان رب الأرض أمر الوكيل أن يدفعها مزارعة ولم يسم سنة ولا غيرها جاز للوكيل أن يدفعها مزارعة سنته الأولى فإن دفعها أكثر من ذلك أو بعد هذه السنة ولم يدفع هذه السنة لم يجز في الاستحسان وفي القياس يجوز لأن التوكيل مطلق عن الوقت ففي أي سنة دفعها وفي أي مدة دفعها لم يكن فعله مخالفا لما أمره الموكل به فجاز كالوكيل بإجارة الدور والرقيق ولكنه استحسن وقال دفع الأرض مزارعة يكون في وقت مخصوص من السنة عادة والتقييد الثابت بالعرف في الوكالة كالثابت بالنص فإذا دخله التقييد من هذا الوجه يحمل على أخص الخصوص وهو وقت الزراعة من السنة الأولى كالوكيل يشتري الأضحية يتقيد بأيام الأضحية من السنة