أستاذه وفيه دليل أنه لا بأس للإنسان من مباشرة ما يعتقد جوازه وإن كان فيه اختلاف العلماء رحمهم الله ولا يكون ذلك منه تركا للاحتياط في الدين وقوله يمنح أحدكم أخاه إشارة إلى الانتداب الذي بيناه في الحديث الأول .
وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال لم ينه رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها حتى تظالموا كان الرجل يكري أرضه ويشترط ما يسقيه الربيع والنطف فلما تظالموا نهى عنها والنطف جوانب الأرض فهذا إشارة إلى التأويل الذي ذكره محمد رحمه الله وأن النهي كان بناء على تلك الخصومة فكان تقييدا بها .
وعن بن عمر رضي الله عنه قال كنا نخابر ولا نرى بذلك بأسا حتى زعم رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها فتركنا من أجل قوله يعني من أجل روايته وبن عمر كان معروفا بالزهد والفقه بين الصحابة رضي الله عنهم وأشار بهذا إلى أنه يعتقد في المزارعة الجواز ولكنه تركها لحيثية مطلق النهي المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكم من حلال يتركه المرء على طريق الزهد وإن كان يعتقد الجواز على ما جاء في الحديث لا يبلغ العبد محض الإيمان حتى يدع تسعة أعشار الحلال مخافة الحرام وعن بن عمر قال أكثر رافع رضي الله عنه على نفسه ليكريها كراء الإبل معناه شدد الأمر على نفسه بروايته النهي مطلقا من غير رجوعه إلى سبب النهي ولأجل روايته يترك المزارعة ويكري الأرض بالذهب والفضة كراء الإبل فهو دليلنا على جواز الإجارة في الأراضي لمقصود الزراعة .
وعن بن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا أكرى الأرض اشترط على صاحبها أن لا يدخلها كلبا ولا يعذرها وهذا من المتقرر الذي اختاره عمر رضي الله عنه ولسنا نأخذ به فلا بأس بإدخال الكلب الأرض لحفظ الزرع .
( ألا ترى ) أن الحديث جاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في ثمن الكلب للصيد والحرث والماشية وقوله ولا يعذرها أي لا يلقي فيها العذرة وهو ما ينفصل من بني آدم وقد كان بين الصحابة خلاف في جواز استعمال ذلك في الأرض فابن عمر رضي الله عنه كان لا يجوز ذلك وكذلك بن عباس رضي الله عنهما كان ينهى عن إلقاء العذرة في الأرض .
وعن سعد رضي الله عنه أنه كان يجوز ذلك وهكذا روي عن أبي هريرة رضي الله عنه حتى كان يباشر ذلك بنفسه فعاتبه إنسان على ذلك فجعل يقول مكيل بر بمكيل بر وعن أبي حنيفة فيه روايتان في إحدى الروايتين يجوز إلقاؤها في الأرض إذا كان غير مخلوط بالتراب وفي الرواية الأخرى لا يجو ز ذلك إلا مخلوطا وهو الظاهر من المذهب إذا صار مغلوبا بالتراب فحينئذ