المسلمين وما جعل لهم من الشرط بطريق النفقة لهم فإنهم مماليك للمسلمين يعملون لهم في نخيلهم فيستوجبون النفقة عليهم فجعل نفقتهم فيما يحصل بعملهم وجعل عليهم نصف ما يحصل بعملهم ليكون ذلك ضريبة عليهم بمنزلة المولى يشارط عبده الضريبة إذا كان مكتسبا وقد نقل بعض هذا عن الحسين بن علي رضي الله عنهما والثاني أنه من عليهم برقابهم وأراضيهم ونخيلهم وجعل شطر الخارج عليهم بمنزلة خراج المقاسمة وللإمام رأي في الأرض الممنون بها على أهلها إن شاء جعل عليها خراج الوظيفة وإن شاء جعل عليها خراج المقاسمة وهذا أصح التأويلين فإنه لم ينقل عن أحد من الولاة أنه تصرف في رقابهم أو رقاب أولادهم كالتصرف في المماليك وكذلك عمر رضي الله عنه أجلاهم ولو كانوا عبيدا للمسلمين لما أجلاهم فالمسلم إذا كان له مملوك في أرض العرب يتمكن من إمساكه واستدامة الملك فيه فعرفنا أن الثاني أصح ثم بين لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ما فعله من المن عليهم بنخيلهم وأراضيهم غير مؤبد بقوله عليه الصلاة والسلام أقركم ما أقركم الله وهذا منه شبه الاستثناء وإشارة إلى أنه ليس لهم حق المقام في نخيلهم على التأبيد لأنه علم من طريق الوحي أنه يؤمر بإجلائهم فتحرز بهذه الكلمة عن نقض العهد لأنه كان أبعد الناس عن نقض العهد والغدر وفيه دليل أن المن المؤقت صحيح سواء كان لمدة معلومة أو مجهولة وأن الغدر ينتفي بمثل هذا الكلام وإن لم يفهم الخصم فإنهم لم يفهموا مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صح منه التحرز عن الغدر بهذا اللفظ قال وإن بني عذرة جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر وجاءته يهود وادي القرى شركاء بني عذرة بالوادي فأعطوا بأيديهم وخشوا أن يغزوهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهؤلاء كانوا بالقرب من أهل خيبر وإن اليهود بالحجاز كانوا ينتظرون ما يئول إليه حال النبي صلى الله عليه وسلم مع أهل خيبر فقد كانوا أعز اليهود بالحجاز كما روي أنه كان بخيبر عشرة آلاف مقاتل فلما صاروا مقهورين ذلت سائر اليهود وانقادوا لطلب الصلح فمنهم يهود وادي القرى جاؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطوا بأيديهم أي انقادوا له وطلبوا الأمان وخشوا أن يغزوهم فكان هذا من النصرة بالرعب كما قال عليه الصلاة والسلام نصرت بالرعب مسيرة شهر فلما أعطوا بأيديهم والوادي حين فعلوا ذلك نصفان نصف لبني عذرة ونصف لليهود فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الوادي أثلاثا ثلثا له وللمسلمين وثلثا خاصة لبني عذرة وثلثا لليهود فكان هذا بطريق الصلح من رسول الله صلى الله عليه وسلم