امتنع جواز بيع السكنى لانعدام المحل لا لفساد الاستعارة فالمنفعة معدومة في الحال وإيجادها ليس في مقدور البشر والمعدوم لا يكون محلا لإضافة العقد إليه فالشرع أقام الموجود وهو الدار المنتفع بها مقام المنفعة في جواز إضافة عقد الإجارة إليها فأما لفظ البيع إن أضيف إلى الدار فهو تمليك لعينها وإن إضيف إلى المنفعة فالمعدوم لا يكون محلا لإضافة العقد إليه سواء كانت الإضافة بلفظ الإجارة أو بلفظ البيع حتى لو قال الحر لرجل بعتك نفسي شهرا بكذا لعمل فهذه إجارة صحيحة .
قال ( فكذلك لو صالحه الذي كانت الدار في يده من هذه السكنى على دراهم فهو جائز ) لأنه لو صالحه في الابتداء على الدراهم يجوز فكذلك إذا صالحه على سكنى معلومة ثم منها على دراهم وهذا على أصل أبي يوسف رحمه الله ظاهر لأنه لو استأجره منه بدراهم جاز فكذلك إذا صالحه ومحمد رحمه الله يقول الصلح يمكن تصحيحه بطريق إسقاط الحق فأما الإجارة فلا يمكن تصحيحها إلا بطريق التمليك وإذا كان يتملك هو عليه المنفعة بجهة المعاوضة فيملك أن يملكه منه بمثل تلك الجهة .
وكذلك لو صالحه من الدراهم على دنانير وقبضها فهو جائز لأن المصالح عليه إذا كان نقدا فهو كالثمن والاستبدال بالثمن قبل القبض جائز لكن بشرط قبض الدنانير قبل الافتراق لأن النقد صرف ولأنه لو فارقه قبل القبض كان افتراقا عن دين بدين .
ولو قبض البعض ثم تفرقا جاز بمقدار ما قبض ويرجع بحصة ما بقي من الدراهم اعتبارا للبعض بالكل .
قال ( والإقرار من المدعي للذي في يديه الشيء به على وجه الصلح لا يمنعه من الدعوى إذا بطل الصلح بوجه من الوجوه ) لما بينا أن الإقرار إن ثبت فإنما يثبت ضمنا للصلح وما يثبت ضمنا للشيء يبقى ببقائه ويبطل ببطلانه كالوصية بالمحاباة في ضمن البيع والإقرار به من الذي هو في يديه عند الصلح للمدعي يوجب رده عليه إذا بطل الصلح لأنه إقرار مقصود وكان يجب العمل به قبل تمام الصلح فكذلك بعد بطلان الصلح .
قال ( وكل شيء وقع الصلح عليه مما لو استحق رجع بقيمته فله أن يبيعه قبل أن يقبضه بمنزلة الصداق وبدل الخلع والصلح عن دم العمد ) لأنه لم يبق في الملك المطلق للتصرف عذر يمكن التحرز عنه فإن ملكه لا يبطل بالهلاك ولكن يتحول إلى القيمة وكل شيء يرجع فيه على دعواه فليس له أن يبيعه قبل القبض لبقاء الغرر في الملك المطلق للتصرف كما في البيع وفي العقار الخلاف معروف في جواز البيع قبل القبض وقد بيناه في البيوع فكذلك إذا وقع الصلح عليه .
ولو ادعى دارا في يدي رجل حقا فصالحه من ذلك على