الآخر من الزرع لصاحب الأرض وبيع نصف الزرع من شريكه قبل الإدراك جائز .
ولو كانت أرض لرجلين فيها زرع لهما فادعاه رجل فجحداه ثم صالحه أحدهما على أن أعطاه مائة درهم على أن يسلم نصف الزرع للمدعي لم يجز لأن المدعى عليه يصير مملكا نصف الزرع قبل الإدراك من غير شريكه بعوض وذلك لا يجوز ولأن نصف الزرع والأرض للذي هما في يديه فلو جوزنا هذا الصلح صار نصف الزرع للمصالح فيجبر على قلعه وتفريغ أرض الآخر منه ولا يتأتى ذلك إلا بقلع الكل وفيه من الضرر على الآخر ما لا يخفى وكذلك هذا في البيع .
وكذلك النخل والشجر إذا كان مشتركا بين اثنين فباع أحدهما نصيبه من غير شريكه لم يجز ذلك وقد بينا هذا في البناء في كتاب الشفعة فهو مثله في النخل والشجر .
ولو ادعى رجل سقفا في دار في يد رجل فصالحه منه على سكنى بيت من هذه الدار معلوم عشر سنين فهو جائز لأن ما وقع عليه الصلح منفعة معلومة ببيان المدة فإن أجره من الذي صالحه جاز في قول أبي يوسف رحمه الله ولم يجز في قول محمد رحمه الله وهذا بناء على الفصل المتقدم أن عند محمد رحمه الله استحقاق هذه المنفعة بالصلح كاستحقاقها بالإجارة ولهذا قال يبطل الصلح بموت أحدهما كما تبطل الإجارة ثم المستأجر إذا أجر المؤجر من الآجر لا يجوز فكذلك هنا إذا أجره من الذي صالحه لا يجوز .
وعند أبي يوسف رحمه الله استحقاقه هذه المنفعة باعتبار ملكه بناء على زعمه لا باعتبار العقد فكما يملك الاعتياض عنه مع غير الذي صالحه بالإجارة منه فكذلك يملك مع الذي صالحه ولهذا قال أبو يوسف رحمه الله أن وارثه يخلفه بعد موته في استيفاء هذه المنفعة ولا يبطل الصلح بموت أحدهما .
ثم على قول محمد رحمه الله إذا استأجر الذي كان في يديه فكان عنده حتى مضي الأجل لم تجب عليه الأجرة ولكن يبطل الصلح ويعود المدعي على دعواه لفوات المعقود عليه في ضمانه .
قال ( ولو باع هذا السكنى بيعا من رجل لم يجز بيع السكنى ) وهذا فصل مشترك فإن لفظ البيع يملك به الرقبة وملك الرقبة سبب لملك المنفعة فكان ينبغي أن يجوز استعارة لفظ البيع لتمليك المنفعة به مجازا كما أنه يجوز النكاح بلفظ الهبة والبيع بهذا الطريق .
وزعم بعض أصحابنا رحمهم الله أن تأويل هذه المسألة فيما إذا أطلق البيع في السكنى وبين المدة وإنما يفسد لترك بيان المدة كما لو صرح بلفظ الإجارة .
( قال رحمه الله ) ( والأصح عندي أن الجواب مطلق على ما قال في الكتاب ) وإنما