أصحاب الطريق شركة ملك ولهذا يستحقون به الشفعة فهذا المصالح ملك نصيبه من صاحب الظلة وتمليك ما هو مملوك له بعوض صحيح .
فإن قيل صاحب الظلة لا يستفيد بهذا الصلح شيئا لأن لسائر الشركاء أن يخاصموه في الطريق .
قلنا لا كذلك بل يستفيد من حيث إن سائر الشركاء لو صالحوه أيضا لم يكن له أن يخاصمه في الطريق وهذا لأنه بالصلح يتملك نصيبه فيصير كأحد الشركاء في وضع الظلة على هذه الطريق حتى إذا رضي شركاؤه بذلك كان له حق قرار الظلة وبعض المتقدمين من أصحابنا رحمهم الله كان يقول تأويل هذه المسألة أن الظلة على ما هي على الطريق فالمصالح يصير مملكا نصيبه من وضع أصل البناء وذلك جائز فأما إذا لم يكن كذلك فينبغي أن لا يجوز لأنه يصير مملكا نصيبه من هواء الطريق وتمليك الأهواء بعوض لا يجوز والأصح هو الأول لأن هواء الطريق الخاص مشترك بينهم كأصل الطريق وإسقاط الحق عن نصيبه من هواء الطريق بعوض صحيح كما يصح إسقاط الحق فيه بغير عوض .
ولو صالحه على مائة درهم على أن يطرح الظلة عن هذا الطريق كان جائزا لأن فيه منفعة .
لأهل الطريق فكأن المفيد للمال صالح عن نفسه ليوصل المنفعة إليهم بإزالة الشاغل عن هواء طريقهم وذلك جائز وتأويل هذا أن الظلة كانت على بناء مبني على الطريق وصاحب الظلة يدعي ملك ذلك الوضع لنفسه أو يدعي حق قرار الظلة بسبب صحيح فسقط حقه بما يأخذ من المال بطريق الصلح على الإنكار وذلك جائز من أحد الشركاء عن نفسه وعن أصحابه بطريق التبرع كصلح الفضولي .
ولو ادعى حقا في دار في يدي رجل فصالحه من ذلك على خدمة عبد بعينه شهرا فهو جائز لأن المصالح عليه مقدور التسليم معلوم فإن مات العبد قبل أن يخدمه بطل الصلح لتحقق فوات المعقود عليه لا على عوض فيعود على رأس الدعوى .
وإن مات بعد ما خدمه نصف الشهر كان على دعواه في النصف اعتبارا للبعض بالكل .
ولو قتله أجنبي فعلى قول أبي يوسف رحمه الله لا يبطل الصلح ولكن للمدعي الخيار إن شاء أبطل الصلح وعاد على رأس الدعوى وإن شاء أمضى الصلح واشترى له بالقيمة عبدا آخر ليخدمه .
وقال محمد رحمه الله الصلح باطل وجه قوله أن الصلح على المنفعة بمنزلة الإجارة .
ولو قتل العبد المستأجر بطل عقد الإجارة فكذلك إذا قتل العبد الذي وقع الصلح على خدمته وهذا لأن حق المصالح في المنفعة والقيمة الواجبة على القاتل بدل العين لا بدل المنفعة فقد فات المعقود عليه لا إلى عوض وهو نظير موت العبد ولأن الصلح عقد محتمل للفسخ ودفع الضرر عن