وهذا العقد اختص باسم فلا بد لاختصاصه بالاسم من أن يكون مختصا بحكم وذلك الحكم لا يكون إلا جوازه مع الإنكار فهو معنى كلام أبي حنيفة رحمه الله ثم اعلم بأن ما وقع عليه الصلح يكون عوضا من المدعي في حق المدعي بمنزلة العوض في البيع فكل ما يصلح أن يكون عوضا في البيع يصلح أن يكون عوضا في الصلح وقد بينا ذلك في البيوع والمصالح عليه يحتاج إلى قبضه فلا بد من إعلامه على وجه لا تبقى فيه منازعة بينهما ولهذا لا يثبت الحيوان فيه دينا في الذمة ولا يثبت الثياب فيه دينا إلا موصوفا مؤجلا كما في البيع والمصالح عليه إذا كان عينا لا يجوز التأجيل فيه كما في البيع لا يجوز التأجيل في العين ثم الصلح عقد هو فرع فيعتبر بنظائره مما هو أصل حتى إذا كان على دين في الذمة فحكمه حكم اليمين في البيع وإن كان على غير دين فحكمه حكم البيع .
وإذا كان على منفعة فحكمه حكم الإجارة وكل منفعة يجوز استحقاقها بعقد الإجارة يجوز استحقاقها بالصلح وما لا فلا حتى إذا صالح على سكنى ثبت بعينه إلى مدة معلومة يجوز .
وإن قال أبدا أو حتى يموت لم يجز وكذلك إن صالح على أن يزرع له أرضا بعينها سنين مسماة يجوز وبدون بيان المدة لا يجوز كما في الإجارة .
ولو كان لرجل ظلة أو كتف شارع على طريق نافذ فخاصمه رجل فيه وأراد طرحه فصالحه من ذلك على عشرة دراهم كان الصلح باطلا ويخاصمه في طرحه متى شاء لأن هذا الطريق النافذ حق جماعة المسلمين فلا يمكن واحد منهم أن يعتاض عنه شيئا فصاحب الظلة لا يستفيد بهذا الصلح حق الإقرار لأن لكل مسلم أن يخاصمه في طرحه والذي خاصمه كان محتسبا في ذلك فارتشى لترك الحسبة وذلك حرام وهذا لأن من أصل أبي حنيفة رحمه الله أن لكل مسلم أن يمنع من وضع الظلة على طريق المسلمين وأن يطالب الرفع بعد الوضع سواء كان فيه ضرر أو لا ضرر فيه .
وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله إن كان فيه ضرر فكذلك الجواب وإن لم يكن فيه ضرر فلكل مسلم حق المنع في الابتداء وليس له أن يخاصم في الرفع بعد الوضع لأنه قاصد إلى الإضرار بصاحب الظلة غير دافع الضرر عن المسلمين وقد روي عن أبي يوسف رحمه الله لا يمنع في الابتداء إذا لم يكن فيه ضرر كما لا يرفع بعد الوضع وأبو حنيفة رحمه الله يقول الطريق مشترك بين جميع الناس وكل واحد منهم بمنزلة الشريك في الطريق الخاص فكما لا يعتبر هناك الضرر في ثبوت حق المنع والرفع فكذلك هنا .
ولو كان على طريق غير نافذ فخاصمه رجل من أهل الطريق وصالحه على دراهم مسماة كان جائزا لأن شركة