ذلك قال فلهذا اتبعتك حين جذبتني .
( وروي ) أن عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه قام بالمدائن على دكان يصلي بأصحابه فجذبه حذيفة رضي الله تعالى عنه فلما فرغ قال أما سمعت رسول الله ينهي عن هذا قال لقد تذكرت ذلك حين جذبتني .
وفي قيامه على الدكان تشبه باليهود وإظهار التكبر على القوم وذلك مكروه فإن كان الإمام على الأرض والقوم على الدكان فذلك مكروه في رواية الأصل لأن فيه استخفافا من القوم لأئمتهم .
وفي رواية الطحاوي هذا لا يكره لأنه مخالف لأهل الكتاب وكذلك إن كان مع الإمام بعض القوم لم يكره .
ولم يبين في الأصل حد ارتفاع الدكان ( وذكر ) الطحاوي أنه ما لم يجاوز القامة لا يكره لأن القليل من الارتفاع عفو ففي الأرض هبوط وصعود والكثير ليس بعفو فجعلنا الحد الفاصل أن يجاوز القامة لأن القوم حينئذ يحتاجون إلى التكلف للنظر إلى الإمام وربما يشتبه عليهم حاله .
قال ( ويجوز إمامه الأعمى والأعرابي والعبد وولد الزنى والفاسق وغيرهم أحب إلي ) والأصل فيه أن مكان الإمامة ميراث من النبي فإنه أول من تقدم للإمامة فيختار له من يكون أشبه به خلقا وخلقا ثم هو مكان استنبط منه الخلافة فإن النبي لما أمر أبا بكر أن يصلي بالناس قالت الصحابة بعد موته أنه اختار أبا بكر لأمر دينكم فهو المختار لأمر دنياكم فإنما يختار لهذا المكان من هو أعظم في الناس .
( وتكثير الجماعة مندوب إليه ) قال عليه الصلاة والسلام صلاة الرجل مع اثنين خير من صلاته وحده وصلاته مع الثلاثة خير من صلاته مع اثنين وكلما كثرت الجماعة فهو عند الله أفضل وفي تقديم المعظم تكثير الجماعة فكان أولى .
إذا ثبت هذا فنقول تقديم الفاسق للإمامة جائز عندنا ويكره .
وقال مالك رضي الله تعالى عنه عنه لا تجوز الصلاة خلف الفاسق لأنه لما ظهرت منه الخيانة في الأمور الدينية فلا يؤتمن في أهم الأمور ألا ترى أن الشرع أسقط شهادته لكونها أمانة .
( ولنا ) حديث مكحول أن النبي قال الجهاد مع كل أمير والصلاة خلف كل إمام والصلاة على كل ميت وقال صلوا خلف كل بر وفاجر ولأن الصحابة والتابعين كانوا لا يمتنعون من الاقتداء بالحجاج في صلاة الجمعة وغيرها مع أنه كان أفسق أهل زمانه حتى قال الحسن رحمه الله تعالى لو جاء كل أمة بخبيثاتها ونحن جئنا بأبي محمد لغلبناهم وإنما يكره لأن في تقديمه تقليل الجماعة وقلما يرغب الناس في الاقتداء به .
وقال أبو يوسف في