.
$ باب وكالة وصي اليتيم $ ( قال رحمه الله ) ( ويجوز لوصي اليتيم أن يوكل في كل ما يجوز له أن يعمله بنفسه من أمور اليتيم ) وقد بينا الفرق بين الوصي والوكيل مع أنه لا فرق في الحقيقة لأن الوصي مفوض إليه الأمر على العموم ولو فوض إلى الوكيل بهذه الصيغة بأن قال ما صنعت من شيء فهو جائز كان له أن يوكل غيره فكذلك الوصي .
فإن بلغ اليتيم قبل أن يصنع الوكيل ذلك لم يجز له أن يفعله لأن حق التصرف للوكيل باعتبار حق التصرف للوصي وببلوغ اليتيم عن عقل انعزل الوصي حتى لا يملك التصرف فكذلك وكيله ولأن استدامة الوكالة بعد بلوغ اليتيم كإنشائها ولو وكله الوصي بعد بلوغ اليتيم لم يجز فكذلك لا تبقى وكالته .
وإذا وكل اليتيم بشيء من أموره وكيلا لم يجز إلا بإجازة وصيه كما لو باشر ذلك التصرف بنفسه لا يجوز إلا بإجازة وصيه فإن كان لليتيم وصيان فوكل كل واحد منهما رجلا على حدة بشيء مما ذكرنا قام وكيل كل واحد منهما مقامه وجاز له ما يجوز له لأن بالتوكيل أقامه مقام نفسه وهو في حق نفسه مستبد بالتصرف فيقوم كل واحد من الوكيلين مقام موكله ثم إن الخلاف معروف في أن أحد الوصيين لا ينفرد بالتصرف عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله إلا في أشياء معدودة خلافا لأبي يوسف رحمه الله فكذلك وكيل كل واحد منهما .
قال ( وإذا كان الصبي في حجر ذي رحم محرم يعوله وليس بوصي له لم يجز عليه بيع ولا شراء ولا خصومة ولا غير ذلك ) لأن نفوذ هذه التصرفات يعتمد الولاية ولا ولاية له على اليتيم فلا ينفد تصرفه فيما سوى إجارته وقبض الصدقة والهبة له استحسانا أما إجارة نفسه ففي القياس لا يجوز لأنها تعقد على منافع نفسه ويلزمه بحكم ذلك العقد تسلم نفسه ولا ولاية له عليه في ذلك ولكنه استحسن .
فقال ( المقصود من هذه الإجارة أن يتعلم الصبي ما يكتسب به إذا احتاج إليه وهو منفعة محضة له لو أراد من يعوله أن يعلمه ذلك بنفسه ويستخدمه في ذلك ليتعلم جاز ذلك ) فكذلك له أن يسلمه إلى غيره ليعلمه ذلك من غير عوض يحصل له فإذا أجره لذلك لحصل له عوض بإزاء منافعه فكان إلى الجواز أقرب وإلزام التسليم بحكم هذا العقد فيه منفعة لليتيم لأنه يبقى محفوظا بيد من يحفظه وهو محتاج إلى الحافظ فإذن قبض الهبة والصدقة لا يستدعي الولاية .
( ألا ترى ) أن القبض للصبي وله أن يقبض بنفسه إذا كان يعقل ذلك هو لأنه محض منفعة لا يشوبها