القضاء بها .
( ألا ترى ) أنه لو وكل وهو قاض كان التوكيل صحيحا وكان وكيلا حتى إذا عزل كان وكيلا فإذا كان اقتران القضاء بالوكالة لا يمنع ثبوتها فطريانه لا يرفعها وكان بطريق الأولى وكذلك لو وكل رجل القاضي ببيع أو شراء أو قبض جاز ذلك لأنه يملك البيع والشراء لنفسه فكذلك للغير .
وكذلك لو وكل القاضي بالخصومة فهو على وكالته إذا عزل عن القضاء وإن قال له الموكل ما صنعت من شيء فهو جائز فوكل القاضي وكيلا يخاصم إليه بذلك فالتوكيل صحيح لأن الموكل أجاز صنعه على العموم والتوكيل من صنعه ولكن لا يجوز قضاؤه للوكيل لأنه إذا كان هو الذي وكله فقضاؤه له كقضائه لنفسه من وجه .
( ألا ترى ) أنه لا يصح أن يكون شاهدا فيما يدعيه وكيله .
وكذلك لو كان هذا وكيل ابنه أو بعض من هو ممن لا يجوز شهادته له .
قال ( وإذا وكل القاضي ببيع عبده وكيلا فباعه فخاصم المشتري الوكيل في عيب لم يجز قضاء القاضي فيه لموكله ) لأنه بمنزلة قضائه لنفسه فإن ما يلحق الوكيل من العهدة يرجع به على الموكل فيندفع عنه أيضا ففي الحقيقة إنما يندفع عن الموكل وإن قضي به على الوكيل جاز لأن أكثر ما فيه أنه بمنزلة القضاء على نفسه ولا تهمة في ذلك فكذلك على ابنه ومن لا يجوز شهادته له ولو وكل القاضي وكيلا يبيع لليتامى شيئا ثم خاصم المشتري في عينه جاز قضاء القاضي للوكيل في ذلك لأن الوكيل هنا نائب عن اليتيم لا عن القاضي حتى إذا لحقته عهدة رجع بها في مال اليتيم فلا يكون القاضي في هذا القضاء دافعا عن نفسه .
وإذا وكل بن القاضي وكيلا في خصومة فخاصم إلى القاضي ثم مات الموكل لم يجز له أن يقضي للوكيل به لأنه فيما يقضي به له نصيب فيه وإن قضي به قبل موت الموكل جاز لأنه لا حق للوارث قبل موت المورث في ماله ولكن هذا إذا كان الوارث ممن تجوز شهادة القاضي له ولو وكلت امرأة القاضي وكيلا بالخصومة ثم بانت منه وانقضت عدتها فقضي لوكيلها جاز .
وكذلك وكيل مكاتبه إذا عتق المكاتب قبل القضاء والحاصل أن المعتبر وقت القضاء لا وقت التوكيل لأن الإلزام إنما يكون بالقضاء فإذا لم يكن عند ذلك سبب ممكن للتهمة كان القضاء نافذا وإلا فلا .
وإذا كان بن القاضي وصيا ليتيم لم يجز قضاؤه في أمر اليتيم لأن فيما يقضي به لليتيم حق القبض يثبت للوصي فإذا كان الوصي بن القاضي كان هذا بمنزلة قضائه لابنه من وجه فلهذا لا يجوز والله أعلم