العزل خطاب ملزم للوكيل بأن يمتنع من التصرف وحكم الخطاب لا يثبت في حق المخاطب ما لم يعلم به كخطاب الشرع فإن أهل قباء كانوا يصلون إلى بيت المقدس بعد الأمر بالتوجه إلى الكعبة وجوز لهم ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حين لم يعلموا به وكذلك كثير من الصحابة رضوان الله عليهم شربوا الخمر بعد نزول تحريمها قبل علمهم بذلك وفيه نزل قوله تعالى ! < ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا > ! 93 ولأن هذا الخطاب مقصود للعمل ولا يتمكن من العمل ما لم يعلم ولو أثبتنا العزل في حق الوكيل قبل علمه أدى إلى الإضرار به والغرر ولم يثبت للوكيل عليه .
ولاية الإضرار به .
وهذا بخلاف ما إذا أعتق العبد الذي وكله ببيعه لأن العزل هناك حكمى لضرورة فوات المحل فلا يتوقف على العلم وهنا إنما يثبت العزل قصدا فلا يثبت حكمه في حق الوكيل ما لم يعلم به دفعا للضرر عنه حتى إذا نفذ القاضي القضاء على الوكيل قبل علمه بالعزل كان نافذا .
وللوصي أن يوكل بالخصومة لليتامى لأنه قائم مقام الأب ولأنه يملك مباشرة الخصومة بنفسه فله أن يستعين بغيره بخلاف الوكيل فإن هناك رأي الموكل قائم وإذا عجز الوكيل عن المباشرة بنفسه فلا حاجة له إلى الاستعانة بغيره بل يرجع إلى الموكل ليخاصم بنفسه أو يوكل غيره وهنا رأي الموصي ثابت والصبي عاجز عن الخصومة بنفسه وإنما يصير الأب وصيا له لدفع الضرر عن الصبي وذلك إنما يحصل بمباشرة الوصي بنفسه تارة والاستعانة بغيره أخرى فلهذا ملك التوكيل .
قال ( وإذا وكل الرجل بالخصومة عند القاضي والقاضي يعرف الموكل فهو جائز ) لأن علم القاضي بالوكالة يتم إذا عرف الموكل وعلمه أقوى من شهادة الشهود عنده .
وإن لم يعرفه لم يقبل ذلك منه حتى يشهد للوكيل على الوكالة شاهدان يريد به أن الوكيل إذا حضر خصم يدعي لموكله قبله مالا وذلك الخصم يجحد وكالته فالقاضي يقول للوكيل قد عرفت أن رجلا من الناس قد وكلك ولكني لا أدري من يدعي له الحق الآن .
هو ذلك الرجل أم لا لأني ما كنت أعرف ذلك الرجل فلهذا لا يجد الوكيل بدا من إقامة البينة على الوكالة من جهة ذلك الرجل الذي يدعي الحق له .
وإذا وكل الرجل بقبض عبد له أو إجارته فادعى العبد العتق من مولاه وأقام البينة ففي القياس لا تقبل هذه البينة لأنها قامت على من ليس بخصم فإن الوكيل بقبض العين لا يكون خصما والعبد إنما يدعي العتق على مولاه والمولي غائب ولكنه استحسن